خلقه؛ ذلك أننا التفتنا إلى ترجمته على وجازتها فأفصحت عن أمر ذي بال؛ وهو أن الرجل صالح من أهل الاحتساب، كان يشقي الماء في عرفات والأماكن المنقطعة والمفاوز (١)، ولقد كان يكفي نسبته إلى سقاية العابرين، هذا العمل النبيل بمجرده، فيكون وافيا ببعض الغرض، ولكن ذكر عرفات والمنقطع من المحال قرينة على أنه كان سقاء لطلب المثوبة والأجر، وأنه لم يكن يحترف ذلك لطلب المال، قال أبو يحيى الساجي:«لم يكن سقاء يسقي الماء، إنما كان يخرج ماله لسقي الماء بعرفات وفي المواضع التي ينقطع الماء بالناس فيها، ويخرج ماله الله ﷿»(٢)؛ وفي هذا ما فيه دلالة على سلامة الأصل، وطيب المنزع، وسلامة الدين، ويدل لهذا الذي قلنا: أنه مع ما ذكر الحفاظ من ضعفه، فقد روى الفلاس عنه بواسطة، فيما بدا له أنه مستقيم الإسناد أو له شواهد تزكيه، ولو كان يعتقد كذبه لما حلت له الرواية عنه، وقد ظفرنا من روايته عنه بحديث في الصرف أخرجه البزار في مسنده، قال: حدثنا عمرو بن علي، ثنا أبو داود، ثنا بحر بن كنيز أبو الفضل، عن عبد العزيز بن أبي بكرة؛ فذكره (٣). ومن حديثه أيضا ما رواه تلميذه ابن الجعد في مسنده عنه (٤)، إذ ساق له بضعة أحاديث، ونقل أقوال النقاد في جرحه. وعدد ابن عدي نسخه فقال: «ولبحر أيضا نسخ، منها نسخة يحدث عن بحر عمر بن سهل بن مروان المازني أبو حفص التميمي البصري، ومنها نسخة يحدث بها عنه محمد بن مصعب القرقساني، ومنها نسخة يحدث بها عنه الحارث بن مسلم … وكل ما يحدث به وما يروون أصحاب