يستظلون به ما داموا حرما، ولا يغزلن الوبر ولا الشعر، ولا ينسجنه، وإنما (١) يستظلون بالأدم، ولا يأكلون شيئا من نبات الحرم. وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ولا يخفرون فيها الذمة، ولا يظلمون فيها (٢)، ويطوفون بالبيت وعليهم ثيابهم. فكانوا (٣) إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية وأول الإسلام، فإن كان من أهل المدر يعني: أهل البيوت والقرى؛ نقب نقبا في ظهر بيته، فمنه يدخل ومنه يخرج، ولا يدخل من بابه (٤).
وكانت الحمس تقول: لا تعظموا شيئا من الحل، ولا تجاوزوا الحرم في الحج، فلا يهاب الناس حرمكم، ويرون ما يعظمون من الحل كالحرم. فقصروا عن مناسك الحج والموقف من عرفة وهو من الحل؛ فلم يكونوا يقفون به، ولا يفيضون منه، وجعلوا موقفهم في طرف الحرم من نمرة بمفضى المأزمين، يقفون به عشية عرفة [ويظلون](٥) به يوم عرفة في الأراك (٦) من نمرة، ويفيضون منه إلى المزدلفة، فإذا عممت الشمس رؤوس الجبال دفعوا (٧).
وكانوا يقولون: نحن أهل الحرم، ولا (٨) نخرج من الحرم، ونحن الحمس، فتحمست قريش ومن ولدت فتحمست معها هذه القبائل، فسموا الحمس. وإنما سميت الحمس حمسا؛ للتشديد (٩) في دينهم، والأحمسي في لغتهم: المشدد في
(١) في ج: ولا. (٢) إتحاف الورى (١/ ٦٥). (٣) في ب، ج: وكانوا. (٤) إتحاف الورى (١/ ٦٦). (٥) في أ: ويصلون. (٦) الأراك: موضع من نمرة في موضع من عرفة (معجم البلدان ١/ ١٣٥). (٧) إتحاف الورى (١/ ٦٣ - ٦٤). (٨) في ب، ج: لا. (٩) في ب، ج: للتشدد.