وأحدثوا فيها أحداثا لم تكن، فقام مضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض (١) فيهم فقال: يا قوم! احذروا البغي، فإنه لا بقاء لأهله، قد رأيتم من كان قبلكم من العماليق، [استخفوا](٢) بالحرم فلم يعظموه، وتنازعوا بينهم واختلفوا حتى سلطكم الله عليهم فأخرجتموهم، فتفرقوا في البلاد. فلا تستخفوا بحق الحرم وحرمة بيت الله، لا (٣) تظلموا من [دخله](٤) أو جاءه معظما لحرماته (٥)، أو آخر جاء بائعا لسلعته، أو مرتغبا (٦) في جواركم (٧). فإنكم إن فعلتم ذلك تخوفت أن تخرجوا منه خروج ذل وصغار، حتى لا يقدر أحد منكم أن يصل إلى الحرم، ولا إلى زيارة البيت الذي هو لكم حرز (٨) وأمن، والطير تأمن فيه.
قال قائل منهم يقال له مجدع: من الذي يخرجنا منه؟ ألسنا أعز العرب وأكثرهم رجالا وسلاحا؟.
فقال مضاض بن عمرو: إذا جاء الأمر بطل ما تقولون. فلم يقصروا عن شيء مما كانوا يصنعون.
وكان للبيت خزانة بئر في بطنها، يلقى فيه الحلي والمتاع الذي يهدى له، وهو يومئذ لا سقف له. فتواعد له خمسة نفر من جرهم أن يسرقوا ما فيه، فقام على كل زاوية من البيت رجل منهم، واقتحم الخامس. فجعل الله أعلاه أسفله، وسقط منكسا فهلك، وفر الأربعة الآخرون. فعند ذلك مسحت الأركان
(١) في ج: بن هضاض، وقوله: «بن مضاض» ساقط من ب. (٢) في أ: فاستخفوا. (٣) في ب، ج: ولا. (٤) في أ: حله. (٥) في ب، ج: الحرمته. (٦) في ج: أو هو مرتعيا. (٧) في ب: بجواركم. (٨) في ب، ج: حرم.