وهذا تَنبيهٌ مِن اللهِ تعالى ذكرُه نبيَّه ﷺ على حجَّتِه على مُشْرِكي قومِه مِن عَبَدةِ الأوثانِ، يقولُ له تعالى ذكرُه: قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلِين بربِّهم الأوثانَ والأندادَ، والآمِرِين لك باتباعِ دينِهم، وعبادةِ الأصنامِ معهم: أَنَدْعُو مِن دونِ اللهِ حجرًا أو خشبًا لا يَقْدِرُ على نفعِنا أو ضَرِّنا، فنُخْلِصَه (١) بالعبادةِ دونَ اللهِ، ونَدَعَ عبادةَ الذي بيدِه الضَّرُّ والنفعُ، والحياةُ والموتُ، إن كنتم تَعْقِلون فتُمَيِّزون بينَ الخيرِ والشرِّ؟ فلا شكَّ أنكم تَعْلَمون أن خدمةَ ما يُرْتَجَى نفعُه ويُرْهَبُ ضرُّه، أحقُّ وأولى مِن خدمةِ مَن لا يُرْجَى نفعُه ولا يُخْشَى ضرُّه.
﴿وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا﴾. يقولُ: ونُرَدُّ إلى أدبارِنا، فتَرْجِعُ القَهْقَرَى خلفَنا، لم نَظْفَرْ بحاجتِنا.
وقد بيَّنا معنى (الردِّ على العَقِبِ)، وأن العربَ تقولُ لكلِّ طالبِ حاجةٍ لم يَظْفَرْ بها: رُدَّ على عقِبَيْه. فيما مضَى، بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).
وإنما يُرادُ به في هذا الموضعِ: ونُرَدُّ مِن الإسلامِ إلى الكفرِ، ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ فوفَّقَنا له، فيَكونُ مَثَلُنا في ذلك مثلَ الرجلِ الذي اسْتَتْبَعَه الشيطانُ يَهْوِي في الأرضِ حَيْرانَ.