يقولُ تعالى ذكرُه: وإن تَعْدِلِ النفسُ التي أُبْسِلَت بما كسَبَت، يعني: ﴿وَإِن تَعدِلْ كُلَّ عَدْلٍ﴾. يعني: كلَّ فِدَاءٍ.
يقالُ منه: عدَل يَعْدِلُ، إذا فَدَى، عَدْلًا. ومنه قولُ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ [المائدة: ٩٥]. وهو ما عادَله مِن غيرِ نوعِه. وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَإِن تَعْدِلُ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾. قال: لو جاءَت بملِء الأرضِ ذهباً لم يُقْبَلْ منها (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿وَإِن تَعدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾: فما يَعْدِلُها، لو جاءَت بملِء (٢) الأرضِ ذهباً لتَفْتَدِيَ به ما قُبِل منها.
حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾. قال: ﴿وَإِن تَعْدِلْ﴾: وإِن تَفْتَدِ، يكونُ له الدنيا وما فيها يَفْتَدِي بها، لا يُؤْخَذُ منه، عَدْلًا عن نفسِه، لا يُقْبَلُ منه (٣).
وقد تأَوَّل ذلك بعضُ أهلِ العلمِ بالعربيةِ (٤) بمعنى: وإِن تُقْسِطُ كلَّ قِسْطٍ لا
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢١٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١٨ (٧٤٥٥) عن الحسن بن يحيى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٢) في ص: (بمثل). (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١٩ (٧٤٥٦) من طريق أصبغ بن الفرج عن ابن زيد به. (٤) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ١٩٥.