كتاب الله. قالوا: لا. فبعث ملائكته فنتقت الجبل فوقهم، فقيل لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم، هذا الطور، قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم. قال: فأخذوه بالميثاق، وقرأ قول الله:(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) حتى بلغ: (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[البقرة: ٨٣-٨٥] ، قال: ولو كانوا أخذوه أول مرة، لأخذوه بغير ميثاق. (١) .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى:{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}
قال أبو جعفر: وأما"الطور" فإنه الجبل في كلام العرب، ومنه قول العجاج:
دانَى جناحيه من الطور فمر ... تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كسر (٢)
وقيل: إنه اسم جبل بعينه. وذكر أنه الجبل الذي ناجى الله عليه موسى. وقيل: إنه من الجبال ما أنبت دون ما لم ينبت. (٣)
* * *
(١) الأثر رقم: ١١١٥ - مضى أكثره في رقم: ٩٥٩. (٢) ديوانه: ١٧، وهو من قصيدة جيدة يذكر فيها مآثر عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وقد ولي الولايات العظيمة، وفتح الفتوح الكثيرة، وقاتل الخوارج. والضمير في قوله: "دانى" يعود إلى متأخر، وهو"البازي" المذكور في البيت بعده. فإن قبله، ذكر عمر بن عبيد الله وكتائبه من حوله: حول ابن غراء حصان إن وتر ... فات، وإن طالب بالوغم اقتدر إذا الكرام ابتدروا الباع ابتدر ... دانى جناحيه......... يريد: "ابتدر منقضا انقضاض البازي من الطور، دانى جناحيه. . فمر" فقدم وأخر. وهو من جيد التقديم والتأخير. وقوله: "دانى" أي ضم جناحيه وقر بهما وضيق ما بينهما تأهبا للانقضاض من ذروة الجبل. ومر: أسرع إسراعا شديدا. وقوله: "تقضى" أصلها"تقضض"، فقلب الضاد الأخيرة ياء، استثقل ثلاث ضادات، كما فعلوا في"ظنن""وتظنى" على التحويل. وتقضض الطائر: هوى في طيرانه يريد الوقوع. والبازي: ضرب من الصقور، شديد. وكسر الطائر جناحيه: ضم منهما شيئا - أي قليلا- وهو يريد السقوط. (٣) هذا قول لم أجده في كتب اللغة في مادته.