حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:(وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) قال: واعية يحذرون معاصي الله أن يعذّبهم الله عليها، كما عذّب من كان قبلهم تسمعها فتعيها، إنما تعي القلوب ما تسمع الآذان من الخير والشرّ من باب الوعي.
يقول تعالى ذكره:(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ) إسرافيل (نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ) وهي النفخة الأولى، (وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) يقول: فزلزلتا زلزلة واحدة.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:(وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) قال: صارت غبارا. وقيل:(فَدُكَّتَا) وقد ذكر قبل الجبال والأرض، وهي جماع، ولم يقل: فدككن، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كما قال الشاعر:
وكما قيل:(أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا) .
(فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) يقول جلّ ثناؤه: فيومئذ وقعت الصيحة الساعة، وقامت القيامة.
(١) نسب البيت صاحب اللسان (يسر) والعيني في شرح شواهد الألفية إلى أبي أسيدة الدبيري. وأنشد في اللسان قبله بيتا آخر، وهو: إنَّ لَنَا شَيْخَيْنِ لا يَنفَعَانِنَا ... غَنِيَّيْنِ لا يجْدِى عَلَيْنَا غِنَاهُمَا أي: ليس فيهما من السيادة إلا كونهما قد يسرت غنماهما، أي: كثرت وكثرت ألبانها ونسلها، والسؤدد يوجب البذل والعطاء والحراسة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس عندهما من ذلك شيء. واستشهد المؤلف بالبيت على أن الشاعر قال: غنماها بلفظ التثنية للغنم، مع أن الغنم اسم للجمع، وليس بمفرد، ولكنه عامله معاملة المفرد، كما اعتبرت الجبال في قوله تعالى: (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة) في حكم المفرد كالأرض، ولذلك قال: فدكتا، ولم يقل فدككن. اهـ. وفي البيت شاهد آخر عند النحويين في باب إلغاء عمل ظن وأفعال القلوب إذا تأخرت عن معموليها، ولو تقدمت عليهما لعملت فيهما النصب