فلم تدخلها"النون" الثقيلة، كما تقول في الكلام:"لئن أحسنتَ إليّ لإليك أحسن"، بغير"نون" مثقلة.
* * *
القول في تأويل قوله:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فبما رحمة من الله"، فبرحمة من الله، و"ما" صلة. (١) وقد بينت وجه دخولها في الكلام في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)[سورة البقرة: ٢٦] . (٢) والعرب تجعل"ما" صلة في المعرفة والنكرة، كما قال:(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ)[سورة النساء: ١٥٥\ سورة المائدة: ١٣] ، والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم. وهذا في المعرفة. وقال في النكرة:(عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ)[سورة المؤمنون: ٤٠] ، والمعنى: عن قليل. وربما جعلت اسما وهي في مذهب صلة، فيرفع ما بعدها أحيانًا على وجه الصلة، ويخفض على إتباع الصلة ما قبلها، كما قال الشاعر:(٣)
إذا جعلت غير صلة رفعتَ بإضمار"هو"، وإن خفضت أتبعت"من"، (٥) فأعربته. فذلك حكمه على ما وصفنا مع النكرات.
(١) "الصلة"، الزيادة، انظر ما سلف ١: ١٩٠ / ٤٠٥، تعليق: ٤ / ٤٠٦ / ٥٤٨، ثم فهرس المصطلحات في سائر الأجزاء. (٢) انظر ما سلف ١: ٤٠٤، ٤٠٥. (٣) هو حسان بن ثابت، أو كعب بن مالك، أو غيرهما، انظر ما سلف ١: ٤٠٤ تعليق: ٥. (٤) سلف تخريج البيت في ١: ٤٠٤، تعليق: ٥. (٥) وذلك أن"من" و"ما" حكمهما في هذا واحد، كما سلف في ١: ٤٠٤.