ويصدقون بالمعاد والرجوع إليّ فيستسلمون لقضائي، ويرجون ثَوابي، ويخافون عقابي، ويقولون -عند امتحاني إياهم ببعض مِحَني، وابتلائي إياهم بما وعدتهم أنْ أبتليهم به من الخوف والجوع ونَقص الأموال والأنفس والثمرات وغير ذلك من المصائب التي أنا مُمتحنهم بها-: إنا مماليك ربنا ومعبودنا أحياءً، ونحن عبيده وإنا إليه بعد مَماتنا صائرون = تسليمًا لقضائي ورضًا بأحكامي.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"أولئك"، هؤلاء الصابرون، الذين وصفهم ونَعتهم -"عليهم"، يعني: لَهم،"صلوات"، يعني: مغفرة."وصلوات الله" على عباده، غُفرانه لعباده، كالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
٢٣٢٨-"اللهم صَلِّ على آل أبي أوْفى". (١)
* * *
يعني: اغفر لَهم. وقد بينا"الصلاة" وما أصلها في غير هذا الموضع. (٢)
وقوله:"ورحمة"، يعني: ولهُم مع المغفرة، التي بها صَفح عن ذنوبهم وتغمَّدها، رحمة من الله ورأفة.
(١) الحديث: ٢٣٢٨- هو جزء من حديث صحيح. رواه البخاري ٣: ٢٨٦ (من الفتح) . ومسلم ١: ٢٩٧- كلاهما من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن أبي أوفى قال، "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم، فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته، فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى". قال الحافظ: "يريد أبا أوفى نفسه، لأن الآل يطلق على ذات الشيء. . . وقيل لا يقال ذلك إلا في حق الرجل الجليل القدر". وهذه فائدة نفيسة، من الحافظ ابن حجر، رحمه الله. (٢) انظر ما سلف ١: ٢٤٢ / ثم ٢: ٥٠٥ / ثم ٢: ٣٧، ٢١٣، ٢١٤.