قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قد مكر الذين من قَبْل هؤلاء المشركين من قُرَيشٍ من الأمم التي سلفت بأنبياء الله ورُسله (فلله المكر جميعًا) ، يقول: فلله أسبابُ المكر جميعًا، وبيده وإليه، لا يضرُّ مكرُ من مَكَر منهم أحدًا إلا من أراد ضرَّه به، يقول: فلم يضرَّ الماكرون بمكرهم إلا من شاء الله أن يضرَّه ذلك، وإنما ضرُّوا به أنفسهم لأنهم أسخطوا ربَّهم بذلك على أنفسهم حتى أهلكهم، ونجَّى رُسُلَه: يقول: فكذلك هؤلاء المشركون من قريش يمكرون بك، يا محمد، والله منَجّيك من مكرهم، ومُلْحِقٌ ضُرَّ مكرهم بهم دونك. (١)
وقوله:(يعلم ما تكسب كلّ نفس) ، يقول: يعلم ربك، يا محمد ما يعمل هؤلاء المشركون من قومك، وما يسعون فيه من المكر بك، ويعلم جميعَ أعمال الخلق كلهم، لا يخفى عليه شيء منها (٢) = (وسيعلَم الكفار لمن عقبى الدار) ، يقول: وسيعلمون إذا قَدموا على ربهم يوم القيامة لمن عاقبة الدار الآخرة حين يدخلون النار، ويدخلُ المؤمنون بالله ورسوله الجَنَّة. (٣)
* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك:
فقرأته قرأة المدينة وبعضُ البَصْرة:"وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُ" على التوحيد. (٤)
* * *
(١) انظر تفسير" المكر" فيما سلف: ٤٦٦، تعليق: ٣،والمراجع هناك. (٢) انظر تفسير" الكسب" فيما سلف من فهارس اللغة. (٣) انظر تفسير" العقبى" فيما سلف قريبًا: ٤٧٢، تعليق: ٥، والمراجع هناك. (٤) في المطبوعة:" بعض أهل البصرة"، زاد في الكلام ما يستقيم بإسقاطه وبإثباته.