القول في تأويل قوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أو لم يتفكر هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا، فيتدبروا بعقولهم، ويعلموا أن رسولَنا الذي أرسلناه إليهم، لا جنَّة به ولا خَبَل، وأن الذي دعاهم إليه هو [الرأي] الصحيح، والدين القويم، والحق المبين؟ (١) وإنما نزلت هذه الآية فيما قيل، (٢) كما: -
١٥٤٦١ - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان على الصَّفا، (٣) فدعا قريشًا، فجعل يفخِّذُهم فخذًا فخذًا:"يا بني فلان، يا بني فلان! "(٤) فحذّرهم بأس الله، ووَقَائع الله، فقال قائلهم:"إن صاحبكم هذا لمجنون! باتَ يصوّت إلى الصباح =أو: حتى أصبح! " فأنزل الله تبارك وتعالى: (أوَ لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين) .
* * *
(١) في المطبوعة: ((هو الدين الصحيح القويم)) ، غير ما في المخطوطة، وزدت ما بين القوسين استظهاراً من السياق. (٢) في المطبوعة: ((ولذا نزلت هذه الآية)) ، وفي المخطوطة: ((وإذا أنزلت)) ، ورأيت أن الصواب ما أثبت، على شك منى أن يكون الكلام خرم. (٣) هكذا في المطبوعة والمخطوطة وابن كثير: "كان على الصفا" وأرجح أن صوابها " قام على الصفا" كما جاء في سائر الأخبار في تفسير آية سورة الشعراء: ٢١٤، (تفسير الطبري) : ١٩: ٧٣- ٧٦ بولاق. (٤) ((فخذ الرجل بنى فلان تفخيداً)) ، دعاهم فخذاً فخذاً. و ((الفخذ)) فرقة من فرق الجماعات والعشائر. يقال: ((الشعب)) ، ثم ((القبيلة)) ، ثم ((الفصيلة)) ، ثم ((العمارة)) ثم ((البطن)) ، ثم ((الفخذ)) .