القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) }
قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته جماعة من قراء أهل المدينة والكوفة:(وَإنَّ) مشددة (كُلا لَمَّا) مشددة.
* * *
واختلف أهل العربية في معنى ذلك:
فقال بعض نحويي الكوفيين: معناه إذا قرئ كذلك: وإنّ كلا لممَّا ليوفينهم ربك أعمالهم = ولكن لما اجتمعت الميمات حذفت واحدة، فبقيت ثنتان، فأدغمت واحدة في الأخرى، كما قال الشاعر:(١)
ثم تخفف، كما قرأ بعض القراء:(وَالْبَغْيْ يَعِظُكُمْ) ، [سورة النحل: ٩٠] ، تخفُّ الياء مع الياء. (٣) وذكر أن الكسائي أنشده:
(١) لم أعرف قائله. (٢) معاني القرآن للفراء في تفسير الآية. في المطبوعة: " لما " و " أعيى بالنبيل "، وكلاهما خطأ، صوابه من المخطوطة ومعاني القرآن. وقوله " لمما " هنا، ليست من باب " لما " التي يذكرها، إلا في اجتماع الميمات. وذلك أن قوله: " وإن كلا لمما ليوفينهم "، أصلها: " لمن ما "، " من " بفتح فسكون، اسم. وأما التي في البيت فهي " لمن ما "، " من " حرف جر، ومعناها معنى " ربما " للتكثير، وشاهدهم عليه قول أبي حية النميري (سيبويه ١: ٤٧٧) : وَإِنَّا لَمِمَّا نَضْرِبُ الكَبْشَ ضَرْبَةً ... عَلَى رَأْسِهِ تُلْقِي اللِّسَانَ مِنَ الفَم. (٣) هكذا في المخطوطة: " تخف "، وفي المطبوعة: " يخفف "، وأما الذي في معاني القرآن للفراء، وهذا نص كلامه: " بحذف الياء "، وهو الصواب الجيد.