قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، ما عليه قرأة الأمصار، وهو:(حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، بفتح"الجيم" و"الميم" من"الجمل" وتخفيفها، وفتح"السين" من"السم"، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراءة.
وكذلك ذلك في فتح"السين" من قوله: (سَمِّ الخياط) .
* * *
وإذ كان الصواب من القراءة ذلك، فتأويل الكلام: ولا يدخلون الجنة حتى يلج = و"الولوج" الدخول، من قولهم:"ولج فلان الدار يلِجُ ولوجًا"، (١) بمعنى: دخل = الجملُ في سم الإبرة، وهو ثقبها
= (وكذلك نجزي المجرمين) ، يقول: وكذلك نثيب الذين أجرَموا في الدنيا ما استحقوا به من الله العذاب الأليم في الآخرة. (٢)
* * *
وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله:(سم الخياط) ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٦٤٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة وابن مهدي وسويد الكلبي، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق قال: سألت الحسن عن قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) ، قال: ثقب الإبرة. (٣)
١٤٦٥٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا
(١) انظر تفسير ((الولوج)) فيما سلف ٦: ٣٠٢، وفيه زيادة في مصادره. (٢) انظر تفسير ((الجزاء)) ، و ((الإجرام)) فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) (جرم) . (٣) الأثر: ١٤٦٤٩ - ((سويد الكلبي)) ، هو: ((كان يقلب السانيد، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية)) !! ووثقه النسائي وابن معين والعجلي. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ /٢ / ١٤٩، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٣٩. و ((يحيى بن عتيق الطفاوي البصري)) ، ثقة، وكان ورعًا متفنًا. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ٢٩٥، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ١٧٦.