اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله:(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) ، فقال بعضهم: عنى بذلك شياطين فارسَ ومن على دينهم من المجوس = (إلى أوليائهم) ، من مردة مشركي قريش، يوحون إليهم زخرف القول، بجدالِ نبي الله وأصحابه في أكل الميتة. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٣٨٠٥- حدثني عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري قال، حدثنا موسى بن عبد العزيز القنباريّ قال، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: لما نزلت هذه الآية، بتحريم الميتة، قال: أوحت فارس إلى أوليائها من قريشٍ أنْ خاصموا محمدًا = وكانت أولياءهم في الجاهلية (٣) = وقولوا له: أوَ ما ذبحتَ فهو حلال، وما ذَبح الله (٤) = قال ابن عباس: بِشمْشَارٍ من ذهب (٥) = فهو حرام! ! فأنزل الله هذه الآية: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) ، قال: الشياطين: فارس، وأولياؤهم قريش. (٦)
(١) انظر تفسير ((الوحي)) فيما سلف من فهارس اللغة (وحي) . (٢) في المطبوعة: ((يوحون إليهم زخرف القول ليصل إلى نبي الله وأصحابه في أكل الميتة)) لم يحسن قراءة المخطوطة، فاجتهد اجتهادًا ضرب على الجملة فسادًا لا تعرف له غاية. وكان في المخطوطة: (( ... زخرف القول يحد إلى نبي الله)) ، غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها. (٣) يعني: وكانت قريش أولياء فارس وأنصارهم في الجاهلية، وهي جملة معترضة وضعتها بين خطين. (٤) في المطبوعة والمخطوطة: ((إن ما ذبحت)) ، كأنه خبر، وهو استفهام واستنكار أن تكون ذبيحة الخلق حلالا، وذبيحة الله - فيما يزعمون، وهي الميتة - حرامًا. (٥) ((شمشار)) ، وفي تفسير ابن كثير ٣: ٣٨٩: ((بشمشير)) ، وتفسيره في خبر آخر يدل على أن ((الشمشار)) أو ((الشمشير)) ، هو السكين أو النصل، انظر رقم: ١٣٨٠٦، وكأن هذا كان من عقائد المجوس، أن الميتة ذبيحة الله، ذبحها بشمشار من ذهب!! . (٦) الأثر: ١٣٨٠٥ - ((عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي النيسابوري)) ثقة، صدوق من شيوخ البخاري وأبي حاتم. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٢١٥. و ((موسى بن عبد العزيز اليماني العدني القنباري)) ، لا بأس به، متكلم فيه. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ / ١ / ٢٩٢، ولم يذكر فيه جرحًا، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ١٥١. و ((القنباري)) نسبة إلى ((القنبار)) وهي حبال تفتل من ليف شجر النارجيل، الذي يقال له: الجوز الهندي، وتجر بحبال القنبار السفن لقوته.