الكتاب، ومدحَهم، وأثنى عليهم، بعد ما وصف الفِرقة الفاسقة منهم بما وصفها به من الهلع، ونَخْب الجَنان، (١) ومحالفة الذل والصغار، وملازمة الفاقة والمسكنة، وتحمُّل خزي الدنيا وفضيحة الآخرة، فقال:"من أهل الكتاب أمَّة قائمةٌ يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون"، الآيات الثلاث، إلى قوله:"والله عليم بالمتقين".
* * *
فقوله:(٢)"أمة قائمة" مرفوعةٌ بقوله:"من أهل الكتاب".
* * *
وقد توهم جماعة من نحويي الكوفة والبصرة والمقدَّمين منهم في صناعتهم:(٣) أن ما بعد"سواء" في هذا الموضع من قوله:"أمة قائمة"، ترجمةٌ عن"سواء" وتفسيرٌ عنه، (٤) بمعنى: لا يستوي من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وأخرى كافرة. وزعموا أنّ ذكر الفرقة الأخرى، ترك اكتفاء بذكر إحدى الفرقتين، وهي"الأمة القائمة"، ومثَّلوه بقول أبي ذئيب:
(١) النخب (بفتح فسكون) : الجبن وضعف القلب. ورجل منخوب الجنان ونخيب الجنان: جبان لا قلب له، كأنه منتزع الفؤاد فلا فؤاد له. (٢) في المطبوعة: "قوله" بغير فاء في أولها، والصواب من المخطوطة. (٣) يعني الفراء في معاني القرآن ١: ٢٣٠، ٢٣١، وهذا قريب من نص كلامه، وبعض شواهده. (٤) الترجمة: يعني البدل، وانظر تفسير ذلك فيما سلف ٢: ٣٤٠، ٣٧٤، ٤٢٠، ٤٢٤، ٤٢٦، وغيرها من المواضع في فهرس المصطلحات. (٥) سلف البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف ١: ٣٢٧. (٦) لم أعرف قائله. (٧) معاني القرآن للفراء ١: ٢٣١. وكان في المطبوعة: "أزال فلا أدري ... "، وهو لا معنى له، والصواب من المخطوطة ومعاني القرآن. ولست أدري أيخاطب امرأة فيقول لها: إن الهم يغلبني إذا رأيتك. فأنا له خاشع متضائل = أم هو يريد الهم والفتك، فيقول: إن الذي يضمر في نفسه شيئًا يهم به من الفتك، يخفى شخصه حتى يبلغ غاية ثأره بعدوه. ولا أرجح شيئًا حتى أجد إخوة هذا البيت.