فإن ظنّ ظانٌ أن"الإنشارَ" إذا كان إحياءً، (١) . فهو بالصواب أولى، لأن المأمور بالنظر إلى العظام وهي تنُشر إنما أمر به ليرى عيانًا ما أنكره بقوله:(أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها) ؟ = [فقد أخطأ] . (٢) . فإن إحياء العظام لا شك في هذا الموضع، إنما عنى به ردُّها إلى أماكنها من جسد المنظور إليه، وهو يُحيى، (٣) . لإعادة الروح التي كانت فارقتها عند الممات. (٤) . والذي يدل على ذلك قوله:(ثم نكسوها لحمًا) . ولا شك أن الروح إنما نفخت في العظام التي أنشزت بعد أن كسيت اللحم. (٥)
وإذ كان ذلك كذلك، (٦) . وكان معنى"الإنشاز" تركيب العظام وردها إلى أماكنها من الجسد، وكان ذلك معنى"الإنشار" =. (٧) . وكان معلومًا استواء معنييهما، وأنهما متفقا المعنى لا مختلفاه، ففي ذلك إبانة عن صحة ما قلنا فيه.
* * *
وأما القراءة الثالثة، فغير جائزةٍ القراءةُ بها عندي، وهي قراءة من قرأ:"كَيْفَ نَنْشُرُهَا" بفتح النون وبالراء، لشذوذها عن قراءة المسلمين، وخروجها عن الصحيح الفصيح من كلام العرب.
* * *
(١) في المخطوطة: "إذا كان حيا" خطأ صرف، وفي المطبوعة: "إذا كان إحياء"، وهو الصواب، إلا أن حق الكلام في هذا الموضع"إذ" لا"إذا". (٢) زدت ما بين القوسين، لأنه مما يقتضيه السياق. ولا معنى لالتماس تصحيح هذه الجملة، بتعليق قوله: فإن إحياء العظام ... " جوابا لقوله: "فإن ظن ظان ... ". (٣) يحيى"بالبناء للمجهول، من"الإحياء". (٤) في المطبوعة والمخطوطة: "لا إعادة الروح ... "، وهو خطأ بين، بدل عليه سياق ما بعده. فإنه يعنى أن"إحياء العظام" مركب من أمرين: رد العظام إلى أماكنها، وإعادة الروح إليها. وسترى ذلك في حجته بعد. (٥) في المطبوعة والمخطوطة: "العظام التي أنشرت" بالراء، وهو خطأ، والصواب بالزاى، أى ركبت وردت إلى مواضعها. (٦) في المطبوعة والمخطوطة: "وإذا كان ذلك كذلك"، والصواب"إذ". (٧) قوله: "وكان ذلك معنى الإنشار"، وكان معنى الإنشار أيضًا، هو رد العظام إلى أما كنها من الجسد لإعادة الروح التي كانت فارقتها عند الممات، كما سلف منذ قليل.