قوله:(ولقد علموا) بعامل فيها. لأن قوله:(ولقد علموا) ، (١) بمعنى اليمين، فلذلك كانت في موضع رفع. لأن الكلام بمعنى: والله لمن اشترى السحر ما له في الآخرة من خلاق. ولكون قوله:(قد علموا) بمعنى اليمين، حققت بـ "لام اليمين"، فقيل:(لمن اشتراه) ، كما يقال:"أقسم لمن قام خير ممن قعد". وكما يقال:"قد علمت، لعمرو خير من أبيك".
وأما"من" فهو حرف جزاء. وإنما قيل"اشتراه" ولم يقل"يشتروه"، لدخول"لام القسم" على"من". ومن شأن العرب - إذا أحدثت على حرف الجزاء لام القسم - أن لا ينطقوا في الفعل معه إلا بـ "فعل" دون"يفعل"، إلا قليلا كراهية أن يحدثوا على الجزاء حادثا وهو مجزوم، كما قال الله جل ثناؤه:(لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ)[سورة الحشر: ١٢] ، وقد يجوز إظهار فعله بعده على"يفعل" مجزوما، (٢)
كما قال الشاعر:
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع (٣)
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:(ما له في الآخرة من خلاق) . فقال بعضهم:"الخلاق" في هذا الموضع: النصيب.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٠٩ - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(ما له في الآخرة من خلاق) ، يقول: من نصيب.
(١) في المطبوعة: "لأن قوله: علموا، بمعنى اليمين"، وآثرت إثبات"ولقد"، لأن الجملة كلها بمعنى اليمين. (٢) هذا كله في معاني الفراء ١: ٦٥ - ٦٩، مع تصرف في اللفظ. (٣) رواه الفراء في معاني الفراء ١: ٦٦ غير منسوب، ولكن صاحب الخزانة ٤: ٢٢٠ نسبه لكميت بن معروف، ولكني لم أجده منسوبا إليه في كتاب آخر، وأخشى أن يكون صاحب الخزانة قدوهم. هذا، والبيت وما قبله جميعا في معاني الفراء ١: ٦٥ - ٦٦.