قدمه، ومن أراد أن يؤخره أخره» (١)، وقد ذكروا أنه كان والي قرية في مصر (٢)، وهذا أشبه بنعته من رواية الحديث، فلا نذري أولايته قيد حياة أبي حفص أم بعدها.
والذي يهمنا أنه كان قريبا من الصيرفي إلى القدر الذي قدر لهذا أن يمرض ثم يموت في منزله بسر من رأى، فيما أحسب (٣)، وهو الذي تولى دفنه، وأخذ جائزته عشرة آلاف درهم، ودفعها إلى ابنه (٤).
وليس باليد شيء عن علاقته بالمتقدمين من الخلفاء، ولا نعلم إلا أنه قدم بغداد سنة ٢٤٩ هـ (٥)(يريد الخليفة)(٦) - وهو إذ ذاك المستعين - قريبا بسنة من تسنمه ذروة الخلافة، فما نظن أنه فعل من تلقاء نفسه، ولعله دعي كما يدعى كبار العلماء المشتهرين إلى حضرة السلطة الحاكمة، وليس فيه من غرابة؛ فقد صار الرجل من الرسوخ في العلم وطيران الذكر بحيث «استقبله أصحاب الحديث في الزواريق إلى المدائن، فلما دخل بغداد نزل ناحية باب خراسان، وكان المشايخ إنما ينزلون القطيعة»(٧)، فجمع دخوله بغداد بين أبهة العلم واحتفالية الناس، ومخالفة العوائد، ولا يبرح أمثال هؤلاء ممن يتلقون هذا التلقي مخوفين من السلطة، لا يطمئن إليهم أربابها إلا وقد قربوهم تقريبا يجعلهم على عين منهم.
وظاهر أن الفلاس كان على علاقة طيبة بالسلطة، وأنه كان حريصا على عدم
(١) المصدر نفسه. (٢) ن سؤالات السهمي: (٢٤٤؛ ر: ٣٤٨). وفيه أنه لم يكن ثقة. (٣) ن خلافهم في مكان الوفاة في مبحث الوفاة. (٤) ن المصدر السابق. (٥) ن التنصيص على التاريخ في تهذيب الكمال: (١٠/ ٢٣٤؛ رت: ٤١٤٥). (٦) العبارة لابن أبي خيثمة. ن: تاريخ بغداد: (١٤/ ١٢٢). (٧) المصدر نفسه.