للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثرة ما تلفي فيها من حواش مكتظة، وعلى شدة الضنا اللائح في تتبع تفاصيلها … تخذلني أحوج ما أكون إليها، حين أجد قلقا في السياق، أو اعوجاجا في العبارة، أو انقطاعا في حبل الكلام، فأهرع إلى تعليق المحقق ـ لينتشلني من وهدة الفهم السقيم إن زاغ بي النظر، أو ليفيدني زيادة بيان بها يتسق المعنى وتستقيم العبارة، أو ليدلني على اصطلاح ينفرد به الوضع، ودونه يتيه القارئ في مهمة قفر - حتى إذا جئته لم أجده شيئا، فيكون ما أنفقه المحقق من نصب في تحشية الكتاب وزرا زائدا؛ إذ هو لم يوف بحكم الإجزاء، وهو إخراج النص سليما صالحا للتداول، مذللا عاريا عن عقابيل التضحيف، وسؤات السقط والتخريف.

لكل ما مر، عدلت عن شغل القارئ بما لاحاجة إليه، ولم أقصد إلى استيفاء التوثيق من كتب الرجال ولا أستطيعه؛ إذ لا يبلغه الوسع، وكل ما أحلت عليه فلغرض أساس؛ هو تمكين القارئ من الاستئناس ببعض المصادر للتحري أو التأكد، على أننا طوينا ذكر أسماء كتب كثيرة بالحاشية، عدنا إليها باطراد لمزيد تثبت، خشية أن تزل طبعات الأصول التي نفزع إليها - وكل ذلك وقع - فنركب خطأ على خطأ، ولو شئنا أن نثبت كل هذه الحواشي الافتراضية المطوية التي لا يعلمها القارئ، لتأخر انجياب صبح هذا الكتاب أولا، ولأخللنا بالقصد ثانيا؛ فإن القصد التصحيح لا التكثر، و «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور».

وأما ما سكتنا عنه فلم نحل فيه على مصدر، فلا يعدو حالين: أن يكون مما غاله التصحيف، فلم نقف على وجه تخليصه، أو أن يكون صحيحا مبرا من التغيير، لكن أعوزنا مورد نعارضه به، والذي أوجب هذا البيان: أننا توهمنا التصحيف في بعض المواطن غير ما مرة، لكن أفضى التثبت والتفتيش بعد إلى الاستمساك بما في الأصل؛ لوجود شاهد أو شواهد تزكيه، فيكون حينها رواية انفرد المؤلف بها،

<<  <   >  >>