ومادة غالب الكتاب آخذة بحظ من الأسمعة من الشيوخ، والرواية عنهم، ولذلك سمينا فيما سلف من شيوخه جماعة ذكرهم في كتابه، وانضاف إلى هاته المعرفة المتلقاة ما تأسس لدى أبي حفص من خلال التحري الميداني والتحقيقات الشخصية؛ فقد كان يسأل عن بعض الرواة أقرب الناس إليهم، ويصرح بمأخذه هذا، وأمثلته في التاريخ كثيرة. فيبدأ بسؤال أولاد الراوي إن علوا وإن سفلوا، ويسأل ابن الصلب إن وجده وينص على ذلك، مثلما حكى عن «عمارة بن أبي حفصة»، حيث قال:«هو عمارة بن ثابت. سألت ابنه حرميا، فقال: بها يكنون أسماء العبيد؛ أي شيء يقولون اسمه؟ قلت: عمارة بن ثابت، قال: صحفوا والله!»(١).
وضريبه قوله:«الحجاج الصواف، هو الحجاج بن أبي عثمان. سألت ابنه قلت: الحجاج ابن من؟ قال: أي شيء يقولون؟ قلت: يقولون: ابن ميسرة. قال: ليس هو ابن ميسرة؛ هو الحجاج بن أبي عثمان»(٢). ومنه:«أبو بكر الهذلي، اسمه سلمى بن عبد الله، وأمه بنت حميد بن عبد الرحمن الحميري. سألت ابنه العباس بن أبي بكر فقلت له: أبو بكر، ما اسمه؟ قال: سلمى بن عبد الله»(٣).
وقد يسأل عن الراوي حفيده، كما فعل مع عثمان البتي، قال:«سألت ابن ابنه وهو مولى لثقيف»(٤).
أو ابن البنت، كما في قوله:«أبو خشينة صاحب الزيادي، هو عبد الله بن الصغدي، سألت ابن ابنته عن اسمه»(٥).
أو يسأل الأذنين من ولده، مثلما قال: «وسألت رجلا من ولد أبي الدرداء،