فلما قُتِل حمزة مَثَّلت به وشقت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها، فلم تطق إِسَاغتها، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال:«لو أَساغتها لم تمسها النار». وقيل: إن الذي مثَّل بحمزةَ معاويةُ بن المغيرة بن أَبي العاص بن أُمية، جد عبد الملك بن مَرْوان لأُمه، وقتله النبي ﷺ صبرًا مُنصَرَفه من أُحد.
ثم
إن هنداً أسلمت يوم الفتح وحَسُن إسلامها، فلما بايع رسولُ اللَّه ﷺ النساء وفي البيعة (ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِين)، قالت هند: وهل تزني الحرة وتسرق؟ فلما قال (وَلَا يَقْتُلْن أَوْلَادَهُنَّ)، قالت: ربيناهم صغاراً وَقَتَلتَهم (١) كباراً؟ وشكت إلى رسول اللَّه ﷺ زوجَها أبا سفيان وقالت: إنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها، فقال لها رسول اللَّه ﷺ:
خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك (٢).
روى هشام بن عُروة، عن أَبيه قال: قالت هند لأبي سفيان: إني أريد أن أبايع محمداً.
قال: قد رأيتك تُكَذِّبِين هذا الحديث أمس! قالت: واللَّه ما رأيت اللَّه عُبِدَ حَقَّ عبادته في هذا المسجد قبلَ الليلة، واللَّه إن باتوا إلا مصلين. قال: فإنك قد فعلت ما فعلت. فاذهبي برجل من قومك معك. فذهبت إلى عثمان بن عفان، وقيل: إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة، فذهب معها فاستأذن لها فدخلت وهي مُنْتَقبة (٣)، فقال: تبايعيني على أن لا تشركي باللَّه شيئاً … وذكر نحو ما تقدم من قولها للنبي ﷺ.
وشهدت اليرموك، وحَرَّضت على قتال الروم مع زوجها أبي سفيان، وكانت قبل أبي سفيان تحت [حفص (٤)] بن المغيرة المخزومي. وقصتها معه مشهورة. وتوفيت هند في خلافة عمر ابن الخطاب في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والدُ أبي بكر الصديق.
أخرجها الثلاثة.
٧٣٤٣ - هِنْدُ بنتُ عَمْرو
(د ع) هِنْدُ بنتُ عَمْرو بن حَرَام الأنصارية، أُخت عبد اللَّه بن عمرو (٥). وهي عمة جابر بن عبد اللَّه.
(١) في المطبوعة: «ونقتلهم». والمثبت عن المصورة. (٢) انظر تفسير ابن كثير عند آية الممتحنة: ١٢، فقد خرجنا هنالك الأحاديث الواردة في شأنها. (٣) في المطبوعة: «منقبة». والمثبت عن المصورة. (٤) في المطبوعة والمصورة: «الفاكه بن المغيرة». والمثبت عن كتاب نسب قريش لمصعب زبيري: ١٥٣، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم: ٧٧، وطبقات ابن سعد: ٨/ ١٧٠. وعيون الأخبار لابن قتيبة: ١/ ٢٨٣. (٥) تقدمت ترجمته في: ٣/ ٣٤٦.