فَلأيِّ أمرٍ يا بني عققتني … وتركتني شيخاً كبيرا مقتدا (١)
أما النهار فدمع عيني ساكب … وأبيتُ ليلي كالسليم (٢) ممهّدا
فلعل ربا قد هداك لدينه … فاشكر أياديه عسى أن تُرْشَدا
واكتب إليّ بما أصبت من الهدى … وبدينه لا تتركني مُوْحدا
واعلم بأنك إن قطعت قرابتي … وعققتني لم ألْفَ إلاّ للعدى
فلما قرأ كتاب أبيه أتى النبي ﷺ فأخبره واستأذنه في جوابه، فأذن له، فكتب إليه.
إن الّذي سمك السماء بقدرة … حتى علا في ملكه فتوحدا
بعث الذي لا مثله فيما مضى … يدعو لرحمته النبي محمدا
ضخم الدسيعة (٣) كالغزالة وجهه … قرناً تأزر بالمكارم وارتدى
فدعا العباد لدينه فتتابعوا … طَوْعاً وكرهاً مقبلين على الهدى
وتخوفوا النار التي من أجلها … كان الشقيُّ الخاسرَ المتلددا
واعلم بأنك ميت ومحاسبٌ … فإلى متى هذي الضلالة والردى
فلما قرأ كتاب ابنه أقبل إلى النبي ﷺ فأسلم.
أخرجه أبو موسى.
١٩٢ - أصَيْل بن عَبْد اللَّه الهُذَلي
(ب س) أصَيْل بن عَبْد اللَّه الهُذَليّ، وقيل: الغفاري.
روى ابن شهاب الزهري قال: «قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي ﷺ فدخل على عائشة، ﵂، فقالت له: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها. قالت: أقم حتى يأتيك رسول اللَّه ﷺ، فلم يلبث أن دخلَ عليه النبي ﷺ فقال: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها واللَّه قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها وأعذق إذخرها، وأسلب ثمامها وأمشر سلمها، فقال: حسبك يا أصيل، لا تحزنا» رواه محمد بن عبد الرحمن القرشي، عن مدلج، هو ابن سدرة السلمي قال: قدم أصيل الهذلي على رسول اللَّه ﷺ من مكة، نحوه.
ورواه الحسن عن أبان بن سعيد بن العاص، أنه قدم على النبي ﷺ فقال له: «يا أبان، كيف تركت أهل مكة؟ قال: تركتهم وقد جيدوا. وذكر نحوه.
قوله: أعذق إذخرها: أي صارت له أفنان كالعذوق، والإذخر: نبت معروف بالحجاز.
وأسلب ثُمامُها أي: أخوص وصار له خوص، والثمام: نبت معروف بالحجاز ليس بالطويل.
(١) المفند: العاجز.
(٢) الملدوغ.
(٣) الجفنة.