فقال: أعْرَسْتُم (١) الليلة؟ قال: نَعَمْ. قال: بارك اللَّه لكم. فولدت غلاماً. فقال لي أبو طلحة:
أحْمِله حتى تأتيَ به رسولَ اللَّه ﷺ. قال: فأتيت به رسول اللَّه ﷺ، وأرسلت معي أُمُّ سُلَيْم تمراتٍ، فأخذها النبي ﷺ فمضغَها، وأخذ من فِيه وجَعَله في فِي الصبي، وحَنَّكَه رسول اللَّه ﷺ، وسماه عبدَ اللَّه (٢).
وفي غيرِ هذا الحديثِ: فلما فرغ أبو طلحة قالت أم سليم: أرأيت أبا طلحة آلَ فلان، فإنهم استعاروا عاريّة من آل فلان، فلما طلبوا العارية أبَوْا أن يَرُدُّوها. قال أبو طلحة: ما ذلك لهم. قالت أُم سليم: فإن ابنك كان عاريّةً من اللَّه تعالى مَتَّعَك به إذْ شَاء، وأخذه إذ شاء. قال أنس. فما كان في الأنصار ناشئٌ أفضَل منه - يعني عبدَ اللَّه بن أبي طلحة (٣).
قال علي بن المديني: ولد لعبد اللَّه بن أبي طلحة عشرة من الذّكور كلّهم قرعوا القرآن، وروى أكثرُهُم العلم.
وشَهِد عبدُ اللَّه مع علي صِفِّين. روى عنه ابناه: إسحاق وعبد اللَّه، وقُتِل بفارس شهيداً، وقيل مات بالمدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك، والصبيَّ أخُوه الذي توفي
هو أبُو عُمَيْر، الذي كان النبي ﷺ يمازحه ويقول «يا أبا عُمَيْر، ما فعل النّغير»(٤).
أخرجه الثلاثة.
٣٠٢٦ - عَبْدُ اللَّه بنُ طَهْفَة
(ب د ع) عَبْدُ اللَّه بنُ طَهْفَة الغِفَاري. يقال: له ولأبيه صحبة. وهو من أصحاب الصُّفَّة، قد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً، ذكرناه في طهفة، وحديثه مضطرب جدا.
(١) يعنى: هل وطئت زوجتك الليلة؟ (٢) الحديث رواه البخاري في كتاب العقيقة: ٧/ ١٠٩ ومسلم في كتاب الأدب: ٦: ١٧٤، ١٧٥، بإسناديهما إلى يزيد بن هارون. (٣) الحديث مروى بمعناه في مسند أحمد: ٣/ ١٠٥، ١٩٦. (٤) البخاري، كتاب الأدب: ٨/ ٣٧. ومسلم كذلك في كتاب الأدب: ٦/ ١٧٦، ١٧٧. ومسند أحمد: ٣/ ١٥ ثلاثتهم عن أنس بن مالك ﵁. والتغير: تصغير النغر- بفتح فسكون- وهو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، ويجمع على: نغران، بكسر فسكون. وقد كان هذا الصغير يلعب بهذا الطائر، يدل لذلك- رواية أحمد: ٣/ ١١٩. وقد قيل في فوائد هذا الحديث: جواز لعب الصبى بالعصفور، وتمكين ولى الصبى إياه من ذلك، وجواز السجع بالكلام الحسن بلا كلفة، وملاطفة الصبيان وتأنيسهم وبيان ما كان عليه النبي ﷺ من حسن الحلق وكرم الشمائل والتواضع.