أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة، بإسناده عن عبد اللَّه بن أحمد: حدَّثني أبي، حدَّثنا إسماعيل، حدثنا سعيد الجُرَيري، عن أبي العلاء بن الشِّخِّير قال: كنا مع مُطَرِّف في سوق الإبل بالرَّبَذَةِ (١)، فجاءَ أعرابي معه قطعة أدِيم - أو: جراب - فقال: من يقرأ - أو: فيكم مَنْ يقرأُ؟ قلت:
نعم. فأخذته فإذا فيه:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم. من محمد رسول اللَّه ﷺ لبني زُهير بن أقيش - حيَ من عُكْل - إنهم إن شهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمداً رسول اللَّه، وفارقوا المشركين، وأعطوا الخمس مما غَنِمُوا، وأقرُّوا بسهم (٢) النبيّ ﷺ وصَفِيّه (٣) فإنهم آمنون بأمان اللَّه ﷿ ورسوله.
فقال له بعض القوم: هل سمعتَ من رسول اللَّه ﷺ شيئاً تُحَدِّثُناه؟ قال: نعم. قالوا:
فحَدِّثناه. قال: سمعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: «من سره أن يذهب كثير من وَحرِ (٤) صَدْره، فليصُمْ شهر الصبر، وثلاثة (٥) أَيام من كل شهر. فقال له القوم - أو: بعضهم-: أنت سمعتَ هذا من رسول اللَّه؟ فقال: ألا أراكم تخافون (٦) أن أكذب على رسول اللَّه ﷺ، واللَّه لا أُحدثكم سائر اليوم (٧)، فأخذ الصحيفة وذهب (٨).
لم يسمّه الجُرَيريْ، وسمَّاه غيرُه، وروى عن أبي العلاءِ أن أعرابيًّا أتى المِرْبَد (٩) وذكر نحوه، فلما مضى سألنا: من هذا؟ فقيل النّمر بن تولب.
(١) الرَّبَذَة- بفتحات-: من قرى المدينة، على ثلاثة أميال منها، بها قبر أبي ذر الغفاريّ. (٢) لفظ المسند: «وفارقوا المشركين، وأقروا بالخمس في غنائمهم وسهم النبي … ». (٣) الصفي- بفتح الصاد، وكسر الفاء، وتشديد الياء-: ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة. (٤) في المطبوعة: «وجر». بالجيم، وصوابه «وحر» بفتح الواو والحاء، ووحر الصدر: وساوسه. (٥) في المسند: «أو ثلاثة». (٦) في المسند: «ألا أراكم تتهموني أن أكذب على رسول اللَّه ﷺ وقال إسماعيل مرة: تخافون … ». (٧) في المسند: «سائر اليوم، ثم انطلق». (٨) المسند: ٥/ ٧٧، ٧٨. (٩) المربد- بكسر الميم، وسكون الراء، وفتح الباء الموحدة، ودال مهملة-: كل موضع حبست فيه الإبل، وبه سمى مربد البصرة، وهو محلة من أشهر محلاتها.