واحتج أبو إسحاق الزَّجاج٢ في كتاب المعاني٣ بقوله تعالى:{يا أيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} ٤، فأول الخطاب مُواجَهٌ به النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان المراد به أمته بقوله:{طَلَّقْتُمْ} ، {فَطَلِّقُوهُنَّ} ٥.
وأيضًا: فإنما اختص به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشريعة ورد فيه بلفظ التخصيص، مثل قوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ} ٦، و {نَافِلَةً لَكَ} ٧، فلو كان منفردًا بما يتوجه إليه من الشرع، لم يكن لتخصيصه فائدة٨.
١ أجاب المانعون عن هذه الآية، كما في نهاية السول "٢/ ٣٦٠": "بأنه تنصيص على ثبوت الحكم للاتباع، وإشارة إلى الإلحاق بالقياس". ٢ هو إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزَّجاج، عالم بالنحو واللغة والعروض، كان يعمل في خرط الزُّجاج، فنسب إليه. تعلم النحو على المبرد. له كتب كثيرة منها: معاني القرآن، والاشتقاق، وكتاب في العروض. ولد ومات ببغداد، وكانت سنة وفاته: ٣١٠هـ، على الأرجح، وقد نيف على "٨٠" سنة. له ترجمة في: الأعلام "١/ ٣٣"، وبغية الوعاة "١/ ٤١١"، وتاريخ بغداد "٦/ ٨٩"، ونزهة الألباء في طبقات الأدباء "٣٠٨"، ووفَيَات الأعيان "١١/ ١١". ٣ هذا الكتاب طبع منه جزءان، يشتملان على معاني القرآن وإعرابه، من أول القرآن الكريم إلى آخر سورة براءة، وذلك بتحقيق الدكتور عبد الجليل عبده شلبي، نشر المكتبة العصرية ببيروت وصيدا. ٤ "١" سورة الطلاق. ٥ أجاب المانعون عن هذه الآية، كما في نهاية السول "٢/ ٣٦٠" بأن ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- للتشريف، والمقصود ذكر الخطاب العام. ٦ "٥٠" سورة الأحزاب. ٧ "٧٩" سورة الإسراء. ٨ أجاب المانعون عن هذه الآية، كما في نهاية السول "٢/ ٦٧٠" بقولهم: بأن الفائدة المنع عن الإلحاق بالقياس. وقد ردَّ ابن عبد الشكور في "مسلم الثبوت" "١/ ٢٨٢"، مطبوع مع "المستصفى" على هذه الأجوبة السالفة الذكر بقوله: واعلم أن المراد بيان التناول العرفي واستقراره في النفوس، وهذه أمارات مفهمة، فمناقشات المخالفين طائحة.