صيغة الأمر إذا وردت بعد الحظر اقتضت الإباحة وإطلاق محظور، ولا يكون أمرًا، نحو قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ٢، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْض} ٣، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُن} ٤، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ٥، "كنت نهيتكم عن ادِّخار لحوم الأضاحي ألا فادَّخروها" ونحو ذلك.
وقد نص أحمد -رضي الله عنه- في رواية صالح وعبد الله في قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ٦، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} ٧، وقال٨ "أكثر من سمعنا: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، كأنهم ذهبوا على أنه ليس بواجب، وليس هما على ظاهرهما"٩.
١ راجع هذه المسألة في المسودة "ص: ١٦- ٢٠"، وروضة الناظر "١٠٢، ١٠٣". ٢ "٢" سورة المائدة. ٣ "١٠" سورة الجمعة. ٤ "٢٢٢" سورة البقرة. ٥ "٥٣" سورة الأحزاب. وقد استدل المؤلف بهذه الآية: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ، وتعقبه المجد بأنها ليست فيما نحن فيه، ولم يعلِّل. قلت: لأن الأمر بالانتشار لم يأتِ بعد حظره والله أعلم. ٦ "٢" سورة المائدة. ٧ "١٠" سورة الجمعة. ٨ في المسوَّدة "ص: ١٧": "فقال". ٩ تعقب المجدُ في المسودة "ص: ١٧" المؤلِّفَ في وجه استدلاله من كلام الإمام أحمد فقال: "هذا اللفظ يقتضي: أن ظاهرهما الوجوب، وأنه من المواضيع المعدولة عن الظاهر لدليل".