وأيضاً: فإن ما ورد به الأثر قد صار أصلاً بنفسه، فوجب القياس عليه، كسائر الأصول (٣) . وليس رد هذا الأصل لمخالفة تلك الأصول بأوْلى من رد الأصول لمخالفة هذا الأصل، فوجب إعمال كل واحد منهما في مقتضاه وإجراؤه على حكمه.
وأيضآ: فإن القياس يجري مجرى خبر الواحد، بدليل أن كل واحد منهما يثبت بغالب الظن، ثم ثبت أنه يصح أن يرد مخالفاً لقياس الأصول، كذلك القياس قبله.
وأيضاً: لما جاز القياس على الخصوص من جملة القياس إذا [٢١٦/ب] كان معللاً بتعليل صاحب الشرع جاز وإن لم يكن معللاً.
دليلُه: سائرُ الأصول.
فإن قيل: إذا ورد معللاً، فإن كل ما وجدت فيه تلك العلة يصير كالمنصوص عليه، كأن النبيَّ امر بالقياس عليه، ويصير [القياس] عليه أوْلى من
(١) قوله: (له) لم أفهم لها معنى، فلعلها خطأ. (٢) قال أبو الخطاب في التمهيد (٣/٤٤٦) : (بل عموم الكتاب أقوى؛ لأنه مقطوع بطريقه، وقياس الأصول غير مقطوع عليه؛ لأنه مقيس على العموم بأمارة مظنونة، ثم العموم لا يمنع، فأوْلى أن لا يمنع المقيس عليه) . وانظر: التبصرة ص (٤٤٨) . (٣) هذا هو الفيصل في الموضوع، فإن أي حكم ورد به نص شرعي صحيح أصبح أصلاً بنفسه، فيقاس عليه، ولا يقال: إنه مخالف لقياس الأصول. وهذا هو ما بينه ابن القيم في كتابه الجليل: اعلام الموقعين، ومن قبله شيخ الإِسلام ابن تيمية. وانظر: اعلام الموقعين (٢/٣١١) . على أن أبا بكر الجصاص قد أورد هذا الدليل على شكل اعتراض، وأجاب عنه، وذلك في أصوله ص (١٢٣) .