ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء (١) أنَّ البذر يجوز أن يكون من العامل كما مضت به السنة، بل قد قال طائفة من الصحابة: لا يكون البذر إلَّا من العامل (٢)؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأنهم أجروا البذر مجرى النفع والماء.
والصحيح (٣) أنه يجوز أن يكون من ربِّ الأرضِ وأن يكون من العامل، وأن يكون منهما، وقد ذكر البخاري كما في "صحيحه"(٤): "أنَّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - عامل النَّاس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشَّطْر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا"(٥).
والَّذين منعوا المزارعة (٦) منهم من احتجَّ بـ "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ
= حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (١) زاد المعاد (٣/ ١٤٥)، الاختيارات (١٥٠)، الإنصاف (١٤/ ٢٤١)، رحمة الأمة (١٨٣). (٢) انظر: الإشراف لابن المنذر (٢/ ٧٣)، ونسبه لسعد بن مالك وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم. (٣) زاد المعاد (٣/ ١٤٥)، الاختيارات (١٥٠)، الإنصاف (١٤/ ٢٤١)، رحمة الأمة (١٨٣). (٤) معلقًا (٥/ ١٤) ووصله ابن أبي شيبة (٧/ ٤٢٧) عن أبي خالد الأحمر عن يحيى ابن سعيد أنَّ عمر وهذا الإسناد مرسل. انظر: فتح الباري (٥/ ١٥). (٥) "عامل النَّاس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا" مثبتة من "أ". (٦) انظر: المبسوط (٢٣/ ١٧)، بدائع الصنائع (٦/ ١٧٥)، مختصر القدوري (١٤٣)، شرح العناية على الهداية (٩/ ٤٦٢)، الاستذكار (٢١/ ٢٠٩)، =