واليمين: حكم بكتاب الله، فإنه حق، والله سبحانه أمر بالحكم بالحق.
فهاتان قضيتان ثابتتان بالنص؛ أما الأولى: فلأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه من بعده حكموا به ولا يحكمون بباطل. وأما الثانية: فلقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[المائدة: ٤٩] وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء: ١٠٥]، فالحكم بالشاهد واليمين مما أراه الله إياه قطعًا، وقال تعالى:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}[الشورى: ١٥] وهذا مما حكم به، فهو عدل مأمور به من الله ولا بد.
فصل
والذين ردوا هذه السنة (١) لهم طرق:
الطريق الأول: أنها خلاف كتاب الله، فلا تقبل. وقد بين الأئمة كالشافعي (٢) وأحمد (٣) وأبي عبيد (٤) وغيرهم - أن كتاب الله لا يخالفها بوجه، وإنها لموافقة (٥) لكتاب الله. وأنكر الإمام
= (٢٢/ ٤٨)، شرح السنة (١٠/ ١٠٤)، المنتقى (٥/ ٢٠٨)، تهذيب السنن (٥/ ٢٢٥)، سنن البيهقي (١٠/ ٢٩٥)، فتح الباري (٥/ ٣٣٢). (١) في "ب" و"هـ": "المسألة". وصوّب ابن باز رحمه الله: "السنة". (٢) الأم (٧/ ٣٩)، سنن البيهقي (١٠/ ٢٩٥)، نصب الراية (٥/ ١٤٥)، فتح الباري (٥/ ٣٣٤). (٣) انظر: المغني (١٤/ ١٣١)، الإبانة لابن بطة (١/ ١٦٠ و ٢٦٧). (٤) انظر: ذم الكلام وأهله للهروي (٢/ ١٢١). (٥) في "ب" و"جـ" و"هـ": "موافقة".