وقضى في رجلين حُرّين يبيع أحدهما صاحبه على أنه عبد، ثم يهربان من بلد إلى بلد بقطع أيديهما (١)؛ لأنهما سارقان لأنفسهما، ولأموال الناس.
قلت: وهذا من أحسن القضاء، وهو الحق (٢)، وهما أولى بالقطع من السارق المعروف، فإن السارق إنما قطع - دون المنتَهِب (٣) والمغتصب (٤) -؛ لأنه لا يمكن التحرز منه. ولهذا قُطع النَّباش (٥)، ولهذا جاءت السنة بقطع جاحد العارية (٦).
وقضى علي - رضي الله عنه - أيضًا في امرأة تزوجت، فلما كان ليلة زفافها أدخلت صديقها الحجلة (٧) سرًّا، وجاء الزوج فدخل
(١) روى نحوه عبد الرزاق (١٠/ ١٩٤ و ١٩٥)، ورواه من طريقه ابن حزم في المحلى (١١/ ٣٣٦). وانظر: فتح الباري (٤/ ٤٨٨)، عمدة القاري (١٠/ ٢٨). وإسناده منقطع ابن جريج وقتادة لم يدركا عليًّا رضي الله عنه. (٢) وهو مذهب الظاهرية. المحلى (١١/ ٣٣٧)، والجمهور على خلافه. انظر: فتح الباري (٤/ ٤٨٨)، عمدة القاري (١٠/ ٢٨)، الإشراف لابن المنذر (٢/ ٢٩٤). (٣) المنتهب: اسم فاعل من انتهب الشيء إذا سلبه ولم يختلسه. المطلع (٣٧٥). (٤) المغتصب: من استولى على حق غيره عدوانًا. التعريفات (٥٣٨)، المطلع (٢٧٤). (٥) نبش الميت استخرجه، والنباش من يعتاد ذلك. طلبة الطلبة (١٤١)، مختار الصحاح (٦٤٣)، المصباح المنير (٥٩٠). (٦) العاريَّة اصطلاحًا: تمليك المنافع بغير عوض. تبيين الحقائق (٥/ ٨٣)، الهداية (٥/ ٢٤٥). والحديث رواه مسلم (١٦٨٨) من حديث عائشة رضي الله عنها. (٧) الحجلة: بيت يزين بالحلل والأثواب للعروس. مختار الصحاح (١٢٤)، =