مجلس في وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدُّعاء له وطلب الدُّعاء منه
قال تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾ (١) الآية. أي لا تفارقوا الإسلام طَرْفَة عين. وسلف من الأحاديث حديث زيد بن أرقم في باب إكرام بيت رسول اللَّه ﷺ قال:"قام رسول اللَّه ﷺ فينا خطيبًا فحمد اللَّه وأثنى عليه ووعظ وذكَّر ثم قال: "أما بعد؛ أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأُجيب، وإني تارك فيكم ثقلين؛ أولها: كتاب اللَّه فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به"، فحثَّ على كتاب اللَّه ورغَّب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أُذكِّركم اللَّه في أهل بيتي"" أخرجه مسلم (٢) بطوله. فروَّع بقوله:"يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب"، ووصى بكتاب اللَّه فإنه الأصل، وبأهل بيته.
وروينا من حديث أبي سليمان مالك بن الحويرث ﵄ قال:"أتينا رسول اللَّه ﷺ ونحن شَبَبَة مُتقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول اللَّه ﷺ رحيمًا رفيقًا فظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومُروهم وصلُّوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليُؤذِّن أحدكم وليؤمَّكم أكبركم""(٣) أخرجاه. وللبخاري:"وصلُّوا كما رأيتموني أُصلي". قوله رفيقا: روي بفاء وقاف، وروي بقافين.
وروينا من حديث عمر بن الخطاب قال: "استأذنت النبي ﷺ في العمرة فأذِنَ
(١) سورة البقرة (١٣٢). (٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٦ - (٢٤٠٨)] كتاب فضائل الصحابة، [٤] باب من فضائل علي بن أبي طالب ﵄، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ١٤٨، ١٠/ ١١٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٥/ ٢٠٦)، وابن أبي عاصم في السنة (٢/ ٦٤٣). (٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٠٠٨) كتاب الأدب، [٢٧] باب رحمة الناس بالبهائم، ومسلم في صحيحه [٢٩٢ - (٦٧٤)] كتاب المساجد ومواضع الصلاة، [٥٣] باب من أحق بالإمامة، والنسائي (٢/ ١٩ - المجتبى)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ١٧)، وابن خزيمة في صحيحه (٣٩٧)، وأحمد في مسنده (٣/ ٤٣٦)، والطحاوي في مشكل الآثار (٢/ ٢٩٧).