إنما خلقت للحرث، وقال في آخره: آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر (١) وهذا لما قال الناس: سبحان اللَّه، أبقرة تتكلم؟ وعن أبي الربيع المالقي، قال: قيض اللَّه لي طائرا في بعض الأسفار يبيت يسامرني، فكنت أسمعه الليل كله ينطق: يا قدوس يا قدوس، فإذا أصبح صفق بجناحيه، وقال: سبحان الرزاق، وطار.
وعن بعضهم أنه كان يأتيه طير بمكة ويحادثه، فلما كان ذات يوم أتاه وقال له: موعدي وموعدك الشام.
فاجتمع به بعد ذلك في الشام، وبشر طير أبا مسلم (٢) بسلامة السرية وقدومها.
[فصل]
ووقع لهم أيضا إبراء العلل.
وهو كثير جدا، ومنها إبراء يعقوب بن الليث الولي على يد سهل (٣) بعد إطلاقه كل من كان في سجنه، وقال: اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة. فعرض مالًا عليه، فأبى قبوله، فعوتب، فنظر إلى الحصى في الصحراء، فإذا هي جواهر. فقال: من أُعطي مثل هذا يحتاج إلى مال يعقوب؟!
ومن ذلك ما روي عن السري السقطي (٤) قال: مررت ببعض الجبان، فإذا أنا
= عن أبي هريرة قال: صلى رسول اللَّه ﷺ الصبح ثم أقبل على الناس فقال: "بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا للحرث" فقال الناس: سبحان اللَّه، بقرة تتكلم؟ فقال: فإني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر، وكذا رواه مسلم في صحيحه [١٣ - (٢٣٨٨)، كتاب فضائل الصحابة، [١] باب من فضائل أبي بكر الصديق. (١) قال النووي: قوله ﷺ في كلام البقرة وكلام الذئب وتعجب الناتس من ذلك: "فإني أؤمن به وأبو بكر وعمر وما هما ثَمَّ: قال العلماء: إنما قال ذلك ثقة بهما لعلمه بصدق إيمانهما وقوة يقينهما وكمال معرفتهما لعظيم سلطان اللَّه وكمال قدرته، ففيه فضيلة ظاهرة لأبي بكر وعمر ﵄ وفيه جواز كرامات الأولياء وخرق العوائد، وهو مذهب أهل الحق. [النووي في شرح مسلم (١٥/ ١٢٧) طبعة دار الكتب العلمية]. (٢) أبو مسلم الخولاني: كان على جانب عظيم كبير من العبادة حتى لو قيل له إن جهنم لتُسَعَّر لما استطاع أن يزيد في عمله شيئا، وكلان يترك الأكل ويقول: الخيل إنما تجري وهي ضمر، وكان يقول: من شد رجليه في الصلاة ثبت اللَّه رجليه على الصراط. [انظر الطبقات الكبرى للشعراني (١/ ٢٥)]. (٣) له كلام نافع في التصوف والسنة وغير ذلك، فنقل أبو القاسم التميمي في الترغيب والترهيب من طريق أبي زرعة الطبري: سمعت ابن درستويه صاحب سهل بن عبد اللَّه يقول: قال سهل. ورأى أصحاب الحديث فقال: اجتهدوا أن لا تلاقوا اللَّه إلا ومعكم المحابر. [تاريخ الإسلام للذهبي (٢٨١ - ٢٩٠)]. (٤) سري السقطي كان أوحد أهل زمانه في الورع والأحوال السنية وعلم التوحد، وهو أول من =