قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (٢). إضافة بكاف الخطاب، وكفى به مباهاة، ووعد بالإجابة مؤكد باستقراعه في قالب الاستقبال ليؤذن به في ثاني الحال.
فالآية الأولى فيها أصل الدعاء والثانية: صفته. والثالثة: المدعو تعالى وقربه،
(١) قال القاضي عياض: "إن اللَّه أذن في دعائه وعلم الدعاء في كتابه لخليقته وعلم النبي ﷺ الدعاء لأمته، واجتمعت فيه ثلاثة أشياء العلم بالتوحيد والعلم باللغة والنصيحة للأمة، فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه ﷺ وقد احتال الشيطان للناس في هذا المقام فقيض لهم قوم سوء يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الإقتداء بالنبي ﷺ وأشد ما في الحال أنهم ينسبونها على الأنبياء والصالحين، فيقولون: "دعاء آدم ودعاء نوح ودعاء يونس ودعاء أبي بكر الصديق ﵄ فاتقوا اللَّه في أنفسكم ولا تشتغلوا من الحديث إلا بالصحيح منه. [مقدمة كتاب سلاح المؤمن لابن الإمام (٢٦، ٢٧)]. (٢) سورة غافر [٦٠]. (٣) سورة الأعراف [٥٥]. (٤) سورة البقرة [١٨٦]. روى ابن حاتم بسنده عن معاوية بن صبرة أن أعرابيا قال: "يا رسول اللَّه أقريب ربما فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي ﷺ، فأنزل اللَّه ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني استجبت. [تفسير ابن كثير (١/ ٢١٨)]. (٥) سورة النمل [٦٢]. ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد والمرجو عند النوازل فقال: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ أي من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه. [تفسير ابن كثير (٣/ ٣٨٣)].