وقال: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢](٢) وروينا في صحيح مسلم (٣) من حديث زيد بن أرقم ﵄ قال: "قام رسول اللَّه ﷺ فينا يومًا خطيبًا بماء يُدعى خُمًّا بين مكة والمدينة (٤) فحمد اللَّه وأثنى عليه ووعظ وذَكَّر، ثم قال: "أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسولُ ربي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب اللَّه فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به" فحث على كتاب اللَّه ورغب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي" فقال له الحصين: ومَنْ أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصدقة (٥) بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي،
(١) سورة الأحزاب [٣٣]. (٢) سورة الحج [٣٢]. (٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٦ - (٢٤٠٨)] كتاب فضائل الصحابة، [١٨] باب من فضائل علي بن أبي طالب ﵄، وأحمد في مسنده [٤/ ٣٦٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [٢/ ١٤٨، ٧/ ٣٠]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٦١٣١]. (٤) قوله: "ماء يدعى خمًّا بين مكة والمدينة" هو بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم، وهو اسم لغيضة على ثلاثة أميال من الحسنة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيضة، فيقال غدير خم، وقوله ﷺ: "وأنا تارك فيكم ثقلين" فذكر كتاب اللَّه وأهل بيته، قال العلماء: سُميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل لثقل الحمل بهما. "النووي في شرح مسلم [١٥/ ١٤٦] طبعة دار الكتب العلمية". (٥) قوله: "ولكن أهل بيته من حرم الصدقة" هو بضم الحاء وتخفيف الراء، والمراد بالصدقة الزكاة، وهي حرام عندنا على بني هاشم وبني المطلب، وقال مالك: بنو هاشم فقط، وقيل بنو قصي، وقيل قريش كلها. قوله في الرواية الأخرى: فقلنا من أهل بيته نساؤه، قال: لا، هذا دليل لإبطال قول من قال: هم قريش كلها، فقد كان في نسائه قرشيات، وأما قوله في الرواية الأخرى: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرم الصدقة، قال: وفي الرواية الأخرى، فقلنا من أهل بيته نساؤه، قال: لا، فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم =