البخاري. وهو لائح في الاستكثار مما يتبرك به، ووجه التبرك به أنه حديث عهد بربه، وكان ﷺ إذا رأى الباكورة من التمر قال:"اللهم بارك لنا في كذا وكذا". إلى قوله:"اللهم أريتنا أوله فأرنا آخره". (ذهب ترى ذهب الجنة)(١) وصح أنه ﷺ قال في زمزم: "إنها بركة، إنها طعام طُعم وشفاء سُقم". والذهب كذلك فكان مباركا، وقد قال تعالى: ﴿آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ (٢) وهو من إتيانه كماله بركة، وكان ذلك في حق هذا النبي الكريم كرامة والكرامات يتبرك بها، وقد قيل: إن طلب نبينا. عليه أفضل الصلاة والسلام. من غنم الرقية (٣) ولحم العنبر كان للتبرك.
[فصل في فضل الغني الشاكر]
وهو من أخذ المال من وجهه وصدقه في وجوهه المأمور بها. قال اللَّه تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)﴾ (٤) وهذا وعد إما بالخيرات وإما بالجنة. وقال: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧)﴾ (٥) الآية. فيتجنب النار ويُعطى حتى يرضى من خير الدين والدنيا والأخرى. وقال: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ (٦) الآية. وفيها إرشاد إلى وجوه الإعطاء من الإبداء والإخفاء وإلى ما يسهل
= إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)﴾ [الأنبياء: ٨٣]، وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ٣١٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٩٨)، وابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٢٢٤)، والقرطبي في تفسيره (١٥/ ٢١٠). (١) كذا بالأصل. (٢) سورة الذاريات (١٦). (٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٦٥ - (٢٢٠١)] كتاب السلام، [٢٣] باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب رسول اللَّه ﷺ كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؟ فإن سيد القوم لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل فأعطى قطيعا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي ﷺ فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له، فقال يا رسول اللَّه، واللَّه ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال: "وما أدراك أنها رقية؟ " ثم قال: "خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم". (٤) سورة الليل (٥ - ٧). أي أعطى ما أمر بإخراجه واتقى اللَّه في أموره ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [الليل: ٦] أي بالمجازاة على ذلك، قاله قتادة، وقال خصيف: بالثواب، وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو صالح وزيد بن أسلم: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [الليل: ٦] أي بالخلف، وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [الليل: ٦] أي بلا إله إلا اللَّه، وفي رواية عن عكرمة: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [الليل: ٦] أي بما أنعم اللَّه عليه. [تفسير ابن كثير (٤/ ٥١٨)]. (٥) سورة الليل (١٧). (٦) سورة البقرة (٢٧١). أي إن أظهرتموها فنعم شيء هي، وقوله: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ =