حكاية رابعة: قال الشيخ أبو عبد اللَّه الدينوري: دخل عليَّ يوما فقير عليه آثار الصبر، فطالبتني نفسي أن للَّه فيه شيء، فهممت أن أرهن نعلي فمنعتني نفسي من ذلك وقالت: كيف يتم لك طهارة مع الحفاء؟! فهممت أن أرهن ما على رأسي فمنعتني نفسي أيضًا وقالت: تبقى مكشوف الرأس. فجعلت أُراجعها في ذلك فقام الفقير وشدَّ وسطه وأخذ عصاة بيده، ثم التفت إليَّ وقال: يا خسيس الهمة، احفظ منديلك؛ فأنا خارج عنك. قال: فعقدت مع اللَّه أن لا آكل الخبز حتى ألقاه. فقيل: إنه قام بعد ذلك ثلاثين سنة لم يأكله.
ما يكرم الضيف إلا من له كرم … ومن على بابه الأرزاق تقتسم
كرامة الضيف لا تحصى فضائلها … طوبى (١) لقوم على إكرامه عزموا
فإنها سنَّة في الناس ما برحت … فكن بإكرامك الأضياف تلتزم
إن الضيافة بين الناس قد حمدت … وإن فاعلها في قدره عِظَمُ
لا ينفع المال إلَّا من يجود (٢) به … وإن كل بخيل ما له قيم
فليس أفخر من الطعام ذي سغب (٣) … ومن أضرَّ به الإفلاس والعدم
صانع الجود لا شيء يقاس بها … يثني عليك بها الأعراب والعجم
= مردويه في تفسيره بسنده عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول اللَّه كم الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا" قلت: يا رسول اللَّه كم الرسل منهم؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر، جم غفير. . . . " الحديث. (تفسير ابن كثير (١/ ٥٨٥)). (١) طوبى: الطوبى: الحسنى والخير، وفي القرآن ﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)﴾. (٢) جاد جودًا سخا وبذل، ويقال: جاد بماله فهو جواد. (٣) سَغِبَ: سغبًا: جاع مع تعب، فهو سَغِبٌ، وهي سغبة، والمسغبة: المجاعة.