قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف.
فلما أصبح غدا على النبي ﷺ فقال:"لقد عجب اللَّه من صنيعكما بضيفكما الليلة"(١) وهو أبلغ مدح مرغب في ذلك في الإثيار ومبين أنه من اللَّه تعالى بمكان، كما يشعر به قوله ﷺ:"لقد عجب اللَّه" إلى آخره.
وفيه من أسباب الإيثار تعظيم الحقوق المشعر به قول الأنصاري: أكرمي ضيف رسول اللَّه ﷺ.
وروينا من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعًا:"طعام الإثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة"(٢).
ولمسلم:"طعام الواحد يكفي الإثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية"(٣).
فيه دفع خصاصة المواسي إذا واسا من كفايته.
وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: بينما نحن في سفر مع رسول اللَّه ﷺ إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول اللَّه ﷺ:"من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له"(٤).
قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٥/ ٤٢] ومسلم في صحيحه [١٧٣ - (٢٠٥٤)] كتاب الأشربة، [٣٢] باب إكرام الضيف وفضل إيثاره والبيهقي في السنن الكبرى [٤/ ١٨٥] والتبريزي في مشكاة المصابيح [٦٢٥٢]، والعراقي في المغنى عن حمل الأسفار [٣/ ٢٥٢]. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٣٩٢] كتاب الأطعمة، باب طعام الواحد يكفي الاثنين. ومسلم في صحيحه [١٧٨ - (٢٠٥٨)] كتاب الأشربة، [٣٣] باب فضيلة المواساة في الطعام القليل، وأن طعام الاثنين يكفي الثلاثة ونحو ذلك. وأحمد في مسنده [٢/ ٢٤٤]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤١٧٧]. (٣) أخرجه مسلم في صحيحه [١٧٩ - (٢٠٥٩)] كتاب الأشربة، [٣٣] باب فضيلة المواساة في الطعام القليل، وأن طعام الاثنين يكفي الثلاثة ونحو ذلك. والترمذي في سننه [١٨٢٠]، وابن ماجه في سننه [٣٢٥٤]، والطبراني في المعجم الكبير [٧/ ٢٧٨، ١٠/ ١٢٦]، وابن أبي شيبه في مصنفه [٨/ ١٣٤]، وعبد الرزاق في مصنفه [١٩٥٥٧]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٩/ ٢٨]، والهيثمي في مجمع الزوائد [٥/ ٢١]. (٤) أخرجه مسلم في صحيحه [١٨ - (١٧٢٨)] كتاب اللقطة [٤] باب استحباب المواساة بفضول المال. والبيهقي في السنن الكبرى [٤/ ١٨٢]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٣٨٩٨].