إبراهيم، فقال له: ما وراءك يا عبد المسيح؟ فقال: هيهات أنا اليوم عبد من المسيح عبده، فقال: كيف حالك؟ قال: تنكرت ودخلت، فلما رأيت الكعبة اضمحل عندي كل دين إلا الإسلام، فأسلمت واغتسلت وأحرمت، فالتفت إليَّ إبراهيم وقال: يا أبا حامد انظر إلى صدق نيته في النصرانية كيف هداه إلى الإسلام؟ إ! ثم صحبنا حتى مات.
شعر:
سلام على السادات من كل صادق … له مسرح في معزل ومراح
صفاء ثم صفى فهو صوفي مخيم … على باب سعدي ليس عنه براح
يلاقي صغار النفس في نيل وصلها … ومن دونها بيض حمت ورماح
على حد سيف الصدق يسعون للعلا … لتجلي لهم بيض هناك صباح
سقتهم حميا الوصل من كرم … إذا سمها أهل الصبابة صاحوا
وناحوا وساحوا ثم باحو بنشرها … عبيرا ومكتوم المحبة باحوا
الخامسة: عن إبراهيم الخواص أيضا قال: دخلت البادية مرة، فرأيت نصرانيًا على وسطه زنار (١) فسألني الصحبة، فمشينا سبعة أيام، ثم قال لي: يا راهب الحنفية هات ما عندك فقد جعنا، فقلت: إلهي لا تفضحني مع هذا الكافر، فرأيت طبقًا عليه خبز وشواء ورطب وماء، فأكلنا وشربنا، ومشينا سبعة أيام، ثم بادرت وقلت: يا راهب النصرانية هات ما عندك فقد انتهت النوبة إليك، قال: فأعلى عصاه ودعا، وإذا بطبقين عليهما أضعاف ما كان على طبقي، فتحيرت وتغيرت وأبيت أن آكل، فألحَّ عليَّ فلم أجب.
فقال: كل فإني أبشرك ببشارتين: أحدها: إسلامي وحل الذمة، والأخرى: قلت: اللهم إن كان لهذا العبد خاطر عندك فافتح عليَّ، فأكلنا ومشينا، وحج وأقمنا سنة ومات، فدفن بالبطحاء.
السادسة: حكي أن ثلاثة نفر خرجوا يستسقون في زمن داود ﷺ فقال أحدهم: اللهم إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا (٢)، وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا:
تعاليت ربي أنت ذا قد أمرتنا … بعفو وصفح عن مسي لنا ظلم
(١) الزُّنَّار: حزام يشده النصراني على وسطه، وجمعها: زنانير. (٢) روى مسلم في صحيحه [٦٩ - (٢٥٨٨)] كتاب البر والصلة والآداب، [١٩] باب استحباب العفو والتواضع، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد اللَّه عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد للَّه إلا رفعه اللَّه" وقال النووي: قوله ﷺ: "وما زاد اللَّه عبدًا بعفو إلا عزًا" فيه أيضًا وجهان: أحدهما: أنه على ظاهره، وأن من عرف بالعفو والصفح =