الأحباب وجعلت أُسلِّم على واحد واحد، ثم وليت وأنا أقول:
ما لي مررت على القبور مسلمًا … قبر الحبيب فلم يرد جوابي
يا قبر ما لك لا تجيب مناديًا … أمللت بعدي صُحبة الأحباب
فأجابني صوت
قل للحبيب وكيف لي بجوابكم … وأنا الرهين بجندل وتراب
أكل التراب محاسني فنسيتكم … وأحجبت عن أهلي وعن أحبابي
غيره
لياليك تفنى والذنوب كثيرة … وعمرك يبلى والزمان جديد
وتحسب أن النقص فيك زيادة … وأنت على النقصان حين تزيد
ووجد على باب مقبرة مكتوبًا:
سلام على أهل القبور (١) الدوارس … كأنهم لم يجلسوا في المجالس
ولم يشربوا من بارد الماء نهلة … ولم يطعموا من كل رطب ويابس
ولم يك منهم في الحياة منافس … طويل المُنا فيها كثير الوساوس
ألا ليت شعري أين قبر ذليلكم … وقبر العزيز الشامخ المتشاوس (٢)
لقد سكنوا في موحش التراب والثرى … فها هم بها ما بين راج وآيس
ولو عقل المرء المنافس في الذي … تركتم من الدنيا لم ينافس
خاتمة
عجَّ (٣) بالمعالم والربوع … وأسبل بِهنَّ عن الجموع
أين الذين عهدتم … يا دار في العز المنيع
= لأهلها، عن عائشة كان رسول اللَّه ﷺ يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد".
(١) قوله ﷺ "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" دار مقصور على النداء أي يا أهل دار فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وقيل: منصوب على الاختصاص.
قال صاحب المطالع: ويجوز جره على البدل من الضمير في عليكم، قال الخطابي: وفيه أن اسم الدار يقع على المقابر. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٣٥) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) تشوش عليه الأمر: اختلط والتبس.
(٣) عجَّ: عجًّا وعجيجًا: رفع صوته وصاح.