مِثالُه: تعليلُ الحنفيِّ في أنَّ عِوضَ المنافعِ في عَقْدِ الإجارةِ لا يُسْتَحَق بمُطْلقِ العَقْدِ بأن يقولَ: عَقْد على مَنْفعةٍ فأشْبهَ المُضاربةَ (١).
فيقول المُعترضُ: ينتقضُ بالنكاحِ.
فيقول المعللُ: النكاحُ معقود على الحِل والإباحة دون المنافعِ.
فيقول المُعترِضُ: إن العَقْدَ يتناولُ ما يستَوْفيه من المنافعِ، فأمَّا الحِل فَحُكْم شرعيٌ يحصلُ له بالشرْع لا بالعِوَضِ ولا بالعَقْدِ، وأحكامُ الشرعِ لا تحصلُ بالأعواض ولا بمِلْكٍ ولا تَقْبلُ العُقودَ، وكما لا يُقالُ: يُعقدُ على الملكِ في الأَعيان، لكن يُعقدُ عليها فيحصلُ الملكُ، كذلك لا يُقال: يُعقدُ على الحِلِّ، لأن الملكَ والحِل جميعاً حُكْمانِ.
وكذلك اذا قال الشافعيُّ: إنَ عقدَ السلَمِ معاوَضَة مَحْضَة، فلم يُشترطْ لها التأجيلُ، كالبَيْع (٢)، فقال السائلُ: ينتقضُ بالكتابةِ، فإن للشافعيِّ أن يقولَ: الكتابة ليست مَحْضَ مُعاوَضةٍ.
فللسائلِ أن يبين ذلك، لأنه بيانُ اسم وليس بإثباتِ حُكْم، والأسماءُ لا ترجعُ إلى المذاهبِ، فلا يكون بيانُه استدلالًا على المسؤولِ، بل بياناً لحُكْمِ الوَضْعِ اللغويِّ.