وقد ذهب بعض إصحابِ الشافعيِّ (١) إلى تفصيلٍ فقالوا: إن كان القول منهم مطلقاً، لم يُعتَبَر انقراضُ العصر، وإن كان مقيداً، فإن قالوا: هذا قولنا، ونحنُ نجوِّزُ أَنْ يكونَ الحقّ غيرَ ما ذكرْنا، وإنِ اتَّضحَ الحق في غيرِهِ صِرْنا اليهِ، لم يكنْ إجماعاً (٢).
وقيلَ: إنَّ التفصيلَ في الوجهِ الثَّالثِ: إنْ كانَ قولاً من الجميع، لم يعتَبرْ فيهِ انقراض العصرِ، [و] إنْ كانَ قولاً مِن البعضِ وسكوتاً مِن الباقينَ، يُشترطُ فيه انقراضُ العصرِ.
وفائدةُ الخلافِ: أنَّ مَن قالَ باشتراطِ انقراضِ العصرِ، يجعلُ (٣) رجوعَهم أو رجوعَ بعضِهم مزيلاً رافعاً للاجماع، ويكونُ التسويغُ بحالهِ، ومَن قالَ: لا يكونُ شرطاً، يقولُ: إنَّ إجماعَهم التقدمَ يُحَجّ به كلُّ راجع، فلا يُلتفتُ إلى خلافِهِ.
(١) يشير بهذا إلى قول الجويني. انظر "البرهان" ١/ ٦٩٤. (٢) وهذا رأي الأستاذ أبى إسحاق الإسفراييني وأبي منصور البغدادي، وقال فيه القاضي الباقلاني: إنه قول أكثر الأصحاب. انظر "البحر المحيط" ٤/ ٥١٢، و"البرهان" ١/ ٦٩٣. و "العدة" ٤/ ١٠٩٧. (٣) في الأصل: "يحصل".