وهي الاعتراضُ، والسؤال الثاني على القياسِ بَعْدَ الرد له. وحدها: تكذيبُ دَعْوى المُسْتَدِل، إمَّا في المُقَدمةِ، وهي وَصْفُهُ في الفَرْعِ، أو الوصف في الأصلِ، أو فيهما جميعاً، أو في حكم الأصلَ.
فالذي يُبْدَأُ بهِ: مَنْعُ الحكْمِ في الأصلِ، فيجابُ عنه من أوْجُهٍ:
أحدُها: أن يُبَيّنَ أن الروايةَ الصحيحةَ تَسْليمُ الحُكمِ في الأصْلِ، وهذا لا يجوزُ أن يكونَ من طريقِ الدلالةِ على صحةِ الروايةِ، لكن يُبَيّنُ أن المَرْوِي عن صاحبِ المَذْهبِ هو التسليمُ.
ومثالُ ذلك: أنَّ يستدل الشافعيُّ على أن من أحْرَمَ بالحج تطوعاً وعليه فَرْضُهُ أنه يَنْعَقِدُ فَرْضاً، بأنه أحْرَم بالحجِّ وعليه فَرْضُهُ، فوقع عن فَرْضهِ كما لو أحرمَ بالحجِّ مُطْلَقاً (١).
فيقول المخالفُ: لا أُسلمُ الحُكْمَ في الأَصْلِ، فإنَّ الحسنَ بنَ زيادٍ (٢) روى عن أبي حنيفةَ أنَّه لا يقع عن فَرْضِهِ.
(١) انظر "التمهيد" ٤/ ١١٩. (٢) من أصحابِ أبي حنيفة. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٥٤٣ =