"إنْ أحبوا فادوا"(١)، والمفاداةُ مفاعلة، فلا يكون إلا صُلحاً بالتراضي، والخبرُ خبر واحد، فيجب أن يتوقف فيه حتى يعلم أصل الحديث.
فالجواب: أنه قد روي الجميع، والظاهر منهما الصحة، فيصير كالخبرين، فنجمع بينهما، فنقول: يجوز بالتراضي وبغير التراضي، وهم يسقطون العمل بخبرنا، فمن عمل بالروايتين كان أولى.
فصل
والاعتراض السادس بالنسخ؛ وذلك من وجوه:
أحدها: أن ينقل نسخه صريحاً.
والثاني: أن لا يكون صريحاً، لكن ينقل ما ينافيه متأخراً، فيدعي نسخه بذلك المنافي المتأخر عنه.
والثالث: أن ينقل عن الصحابة العمل بخلافه ليدل على نَسخه.
الرابع: أن يدعي نسخه بأنه شرع من قبلنا، وأنه نسخه شرعنا.
فصل
فأمَّا النسخ بالصريح؛ فمثل أن يستدل الشافعي في طهارة جُلود الميتة بالدباغ، بقوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهابٍ دُبِغ فقد طَهُر"(٢). فيقول الحنبلي [من] أصحابنا (٣): هذا منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن عُكَيْم: "كنتُ رخصتُ لكم في جلودِ الميتة، فإذا أتاكم
(١) أخرجه البيهقي في "السنن" ٨/ ٥٣. (٢) تقدم في الصفحة (٣٤) من هذا الجزء، (٣) في الأصل: "لأصحابنا".