وقالت المعتزلةُ (١): يقتضي الندبَ، ولا يُحملُ على الوجوبِ إلا بدليلٍ، وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ (٢).
فصل
في الدلائلَ من الكتابِ العربيِّ
والدلالةُ على ما ذهبنَا إِليه قولُه تعالى:{ما مَنَعَك ألا تَسجُدَ إذْ أمرتُك}[الأعراف: ١٢] والتوييخُ على التركِ دلالة على الإيجاب بمطلقِ الأمرِ، وأن مقتضاهُ الوجوبُ، وأيضاً قولُه:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦]، وهذا يَدلُّ على أن أمرَهُ حتم، لا تخييرَ فيه بين تركٍ وفعل، ولا توقفَ فيه انتظاراً لدلالةٍ، فهي دلالةٌ على الجميعِ.
وأيضاً قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور: ٦٣]، والزجرُ والوعيدُ على مخالفةِ أمرِه، دلالةٌ على أن مقتضاهُ الإيجابُ.
فصل
يجمعُ الأسئلةَ عليها
قالوا: أمَّا الآيةُ الأولى، فإن القرائنَ المقترنَةَ بالأمرِ دلتْ على الوجوب، وهو أن الله سبحانَهُ لم يُعْقِبْ تركَهُ للسجودِ بالوعيدِ، بل أبانَ عن مخَالفتِه بالتَقسيمِ عليهِ: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥)} [ص: ٧٥]