يقولون: هذا حديثُ غريبٌ أو فائدة، فاعلم أنَّه خطأٌ، وإذا سمعتَهم يقولون: هذا حديثٌ لا شيءَ، فاعلم أنّه صحيحٌ؛ لأنَّهم لا يستغربونَ إلاَّ الحديثَ الشَّاذَّ الذي ليسَ. بمشهورٍ، ولا رواه أئمةُ أصحابِ الحديث (١).
وقولهم:"هذا الحديثُ لا شيءَ". بمعنى: ما أفادت روايتُه لاشتهارِه وتكرُّرِ روايته، وما هذا سبيلُه، ينتفي عنه السَّهوُ والغلطُ.
فصلٌ
ولا يُقبَلُ الجرح إلاَّ مفسَّراً، فعلى هذا إذا قال أصحابُ الحديث:"فلانٌ ضعيف"، و"فلانٌ ليس بشيء"، [فليس هذا ممَّا يوجبُ جرحَه، وردَّ خبرِه](٢).
هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ في رواية المَرُّوذِي، وقد قيلَ له: إنَّ يحيى بنَ معين سُئِلَ عن الصَّائمِ يحتَجِمُ؟ قال: لا شيءَعليه، ليس يثبت فيها خبرٌ.
فقال أبو عبدِ الله: هذا كلام مجازفة، فلم يقبل مجرَّدَ الجرح من يحيى.
ونقلَ مُهنَّا: قلتُ لأحمدَ: حديث خديجةَ: كان أبوها يرغب أن يزوِّجَه (٣)، فقالَ أحمدُ: الحديثُ معروفٌ، رويتُه عن غير واحدٍ. قلت: إنَّ
(١) أورده القاضي أبو يعلى في "العدة" ٣/ ٩٣٠، والخطيب في " الكفاية " ٢٢٥، ولم يتبين لي معنى قوله "فائدة"، غير أنَّ في سند هذا الأثر أبا بكر النقاش، وهو متهم، وفي رواياته مناكير. انظر "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٥٧٣. (٢) ما بين معقوفين ساقط من الأصل، انظر "العدة" ٣/ ٩٣١. (٣) أي: يرغب عن أن يزوِّجه، وحديث زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخديجة أخرجه=