وهمْ غيرُ المجتهدينَ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُوضِحُ هذا أَنَّ اتباعَ الأربعةِ معَ اختلافِهمْ لا يمكنُ (١)، فلمْ يبق إلاّ ما ذكرْنا، وأَنهُ لا يُسقِطُ هذا خبرَنا، وهو قولُهُ:"أصحابي كالنُّجومِ، بأيِّهمُ اقتديتمُ اهتديتم"(٢)، فيتعارضانِ، وليسَ في خبرِكمْ ما يُسقِطُ خبرَنا، وفي خبرِنا زيادةٌ وهي اسمُ الصَّحابةِ.
فصلٌ
ولا يختلفُ ظاهر قولِ صاحبِنا: أَنَّ الواحدَ مِنَ الخلفاءِ يسوغُ خلافهُ، ولا يُمنعُ بقيةُ الصَّحابةِ مِنْ خلافِهِ، وبهذا قالَ جميع العلماءِ، وحكيَ عَن بعضِ الشَّافعيةِ: أَنهُ حجةٌ لا يجوزُ مخالفتُهُ، وقد أَومَأَ إليهِ صاحبُنا في قولِ ابن عباسٍ: أَنَّهُ إذا انقطعَ دمُها في الحيضةِ الثَّالثةِ فقدْ بانَتْ منه، وهوَ أصحُّ في النظر، قيلَ لَهُ: فلمَ لا تقولُ به؛ قالَ: قدْ قالَ عمرُ وعليٌّ وابن مسعود، فأنا أَتَهيَّبُ أَنْ أُخالفهم (٣).
وروى ابن منصورٍ ما هو أصرح من هذا، قالَ ابنُ منصورٍ: قلت لَه: قولُ ابنِ عباسٍ في أموالِ أهلِ الذِّمَّةِ العفوُ؟ (٤) فقالَ أحمدُ: عمرُ جعلَ
(١) بعدها في الأصل ت "اتباعه". (٢) تقدم تخريجه ١/ ٢٨٠. (٣) انظر الآثار في ذلك في "سنن سعيد بن منصور" (٢١٦) وما بعده. (٤) أخرجه عبد الرزاق (١٠١٢٢).