وأخبارِ الديانات؛ لئلاّ تتعطَّلَ، فكذلك (١) معنيّ بأمر الفُتيا والتقليد والإجماع؛ لئلا يتعطل هذا الأمرُ العظيمُ الذي تعمُّ حاجة المكلًفينَ إليه، وبه يصلح أمرُ العالمَ.
فإن قيل: أليس الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم - قد قالَ "إنّ الله لا يَقْبضُ العلمَ انتزاعاً من صدورِ [العباد]، لكن يَقبِضُه بموت العلماءِ، فإذا لَم يبقَ عالمٌ اتخذَ النًاسُ رؤوساً جُهّالاً، فسُئلوا، فأَفْتَوْا بغيرِ علمٍ، فضَلّوا، وأَضَلُّوا"(٢).
قيلَ: وقد روي عن على أنَّه قال: لا تخلو الأرضُ من قائمٍ لله بحجةٍ.
وما روي عنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - محمولٌ على طرفٍ من الأطرافِ، أو صُقْعٍ من الأصقاع، أو أرادَ به: قلةَ القومِ، مثل قولنا: لم يبقَ في البلدِ رجلٌ، نعني به: قلَّ الرِّجالُ، [و] قيلَ بحضرة النبي: أُبيدَتْ خضراءُ قريش، فلا قريشَ بعد اليوم، ففهمَ مراد القوم، وهو كثرةُ القتلى.
فصل
إذا تورَّط في معصيةٍ لا يمكنه الخروجُ منها إلا إقلاعاً بالقلب دونَ تركِها صورةً، مثالُ ذلك: غاصبٌ لدار تمكَّن من سكناها وتَوسُّطِها ابتذالاً واستمتاعاً بعِراصِها، ومستظلاً (٣) بسقوفِها، ومستنداً (٤) إلى
(١) في الأصل: "فذلك". (٢) تقدم تخريجه ١/ ٢٧٨. (٣) في الأصل: "ومستظل". (٤) في الأصل: "ومستند".