وقالَ بعضُ الأُصوليينَ: لايجوزُ لَهُ الأخذُ بقولِهِ حتى يَعْرفَ العاميُّ علَّةَ الحكمِ الذي أفتى به ذلكَ العالمُ.
فصل
في أدلّتنا
فمنها: قولُهُ تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، وهذا يعمُّ ما يسوغُ ومالا يسوغُ، ومَنْ يَعْلَمُ علَّةَ الحكمِ ومَنْ لا يعلمُ.
ومنها: أَنَّ العاميَّ ليسَ معَهُ آلةُ الاجتهادِ، فجازَ له التقليدُ، قياساً على ما يسوغُ فيه الاجتهادُ.
ومنها: أنَّ إلزامَ العاميِّ معرفةَ الدليلِ وعلَّةَ الحكمِ يقطعُهُ عن المعاش، فإنَّ ذلكَ إنَّما يتحصَّلُ للمتبتلِ لذلكَ من طلبةِ العلمِ، والمُنْتَدبونَ (٢) لذلكَ تراهُمْ يقطعونَ الأعمارَ فيه حتى يتحصَّلَ لهم طرفٌ منه، وقلَّ مَنْ يبلغُ مرتبةَ الاجتهادِ، وما بلغ هذا المبلغَ من الإِضرارِ، سقطَ، كالتزامِ الحجِّ في كلِّ سنةٍ، وإِلزامِهم أنْ يتفقَّهوا في الدينِ كلهم، وأن يتكلَّفوا بلوغَ مرتبةِ الاجتهادِ.
(١) هو أبو على الطبري الحسن بن القاسم، تقدمت ترته ٢/ ٦٠. (٢) في الأصل: "والمتدس".