والحادي عشر: أن يكونَ أحدُهما من رواةِ أهلِ الحَرَمَيْنِ، فيُقدم على غيرِه؛ لأنهم أعرفُ بما دامَ من السنَن، قال زيدُ بن ثابتٍ: إذا وَجَدْتُم أهلَ المدينةِ على شيءٍ، فهو السُّنَّةُ. وأشارَ إلى ذلك الوقتِ.
فأمَّا زمانُنا هذا، فنعوذُ بالله من انتشارِ البِدعِ بالحَرَميْنِ.
والثالي عشر: أن يكونَ أحدُهُما لم تَختلِفْ عنه الروايةُ، والأخرُ اخْتلَفَتْ عنه الروايةُ، وفي ذلك وجْهانِ لأصحابِ الشافعي (١):
أحدُهما: تتعارضُ الروايتانِ (٢) وتَسْقُطانِ، وتبقى روايةُ مَن لم تَختلِفْ عنه الروايةُ.
والثاني: يُرجحُ؛ لأن الروايةَ التي لم تَختلِفْ عاضدَتْها الأخرى بما وافقَتْها فيه.
فصل
وأما الترجيحُ في المَتْنِ فَمِن وجوهٍ
أحدها: أن يكونَ أحدُ الخَبَريْنِ موافقاً لدليل آخرَ من أصل أو معقولِ أصلٍ يُقوِّيهِ.
والثاني: أن يكونَ عَمِلَ به الأئِمةُ، فيكونُ أوْلى؛ لأنه آخرُ ما مات عنه من السنَنِ.
وألثالثُ: أن يكونَ أحدُهما نطقاً والأخرُ دليلًا، فالنُّطْقُ أوْلى؛ لأنه
(١) انظر "المعونة في الجدل" ص ٢٧٥، و"البحر المحيط" ٦/ ١٦٠ - ١٦١. (٢) أي: عمن اختلفت عنه الرواية.