عن خالد بن عرعرة، عن علي بن أبي طالب ﵇ في قول الله (١)﷿: ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا﴾ [آل عمران: ٩٦ - ٩٧]. قال: إنه ليس بأول بيت، كان نوح في البيوت قبل إبراهيم، وكان إبراهيم في البيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس، ﴿فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا﴾ [آل عمران: ٩٧] هذه الآيات. قال: إن إبراهيم ﵇ لما أمر ببناء البيت، فضاق به ذرعا، فلم يدر كيف يبني. فأرسل الله تعالى إليه السكينة - وهي ريح خجوج (٢) - لها رأس، حتى تطوقت مثل الحجفة (٣)، فبنى عليها. وكان يبني كل يوم سافا (٤)، ومكة يومئذ شديدة الحر، فلما بلغ موضع الحجر قال لإسماعيل ﵇: اذهب [فالتمس لي (٥)] حجرا أضعه هاهنا (٦). فذهب إسماعيل ﷺ يطوف في الجبال، وجاء جبريل ﵇ بالحجر، وجاء إسماعيل ﵇ فقال: من أين لك هذا الحجر؟ قال: من عند من لم يتكل على بنائي وبنائك.
ثم انهدم فبنته العمالقة، ثم انهدم فبنته قبيلة من جرهم، ثم انهدم فبنته قريش (٧). فلما أرادوا أن يضعوا الحجر تنازعوا فيه، فقالوا: أول رجل يدخل علينا من هذا الباب فهو يضعه، فجاء رسول الله ﷺ فأمر بثوب فبسط ثم وضعه فيه، ثم قال: ليأخذ من كل قبيلة رجل من ناحية الثوب، ثم رفعوه، ثم أخذه رسول الله ﷺ فوضعه.
(١) في ب، ج: قوله. (٢) الريح الخجوج: هي الريح الشديدة المرور في غير استواء (النهاية ٢/ ١١). (٣) الحجفة: الترس (لسان العرب، مادة: حجف). (٤) الساف: كل صف من اللبن (لسان العرب، مادة: سوف). (٥) في أ: التمس لي، وقوله: «لي» ساقط من ب، ج. (٦) في ج زيادة: ليقتدي الناس به. (٧) شفاء الغرام (١/ ١٨٠).